ارتفاع حصيلة خسائر القوات الأفغانية، تحدي يواجه الحكومة
في تصريح جديد لها أوضحت إدارة المفتش العام المختص بإعادة إعمار أفغانستان SIGAR أن الخسائر في صفوف القوات الأفغانية في عام 2016 زادت عن خسائر العام الماضي بشكلٍ ملحوظ.
بعد نشر التقرير، أكد الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني على أهمية الحول دون وقوع الخسائر في صفوف القوات الأمنية الأفغانية وصرح بأنه من الضروري العاجل اتخاذ خطوات وتنظيم خطط ملائمة لذلك[1]. في الوقت ذاته وردّاً على التقرير أوضحت وزارة الداخلية أن نسبة ضحايا القوات الأمنية مقارنةً بالعام الماضي لم ترتفع بشكل ملحوظ إذا وُضع في النظر اشتداد حدة هجمات الجماعات المسلحة[2].
بعد انقضاء المهمة العسكرية لحلف الناتو بأفغانستان وتبديلها لمهمة استشارية وتعليمية، مر عامان تقريباً على بدء تكفل القوات الأفغانية بكامل المسؤولية الأمنية في كل أنحاء البلد، إلا أن ضحايا القوات الأفغانية في تزايد مستمر. في هذا التحليل تم التطرق إلى نسب خسائر القوات الأفغانية خلال العقد والنصف الماضي، والأسباب الرئيسية وراء تزايد عدد الضحايا في صفوف القوات الأفغانية عام 2016م.
خسائر القوات الأفغانية بعد عام 2001
منذ بداية نشاطها عام 2002، تكبدت القوات العسكرية الأفغانية خسائر في كل سنة. في الأعوام 2007م، 2008م و 2009م كان عدد القتلى في صفوف القوات الأمنية بالترتيب 966، 983 و 931 شخص. وعندما اشتدت حدة الحرب عام 2010م بشكل غير مسبوق ارتفع عدد القتلى إلى 2113 شخص. على الرغم من انخفاض عدد القتلى عام 2011م إلى 1080 شخص، إلا أن عدد ضحايا القوات الأمنية في الأعوام التالية تصاعد بوتيرة مسرعة[3].
عام 2001م بدأت عملية انتقال المسؤولية الأمنية للقوات الأفغانية، ولذا بعد هذه السنة أخذ عدد الضحايا في التزايد، حيث وصل عدد القتلى في عامي 2012م و 2013م إلى 2765 و 4350 قتيل[4]، و في عام 2014 بلغ هذا العدد 4634 شخص. في عام 2015م أيضاً استمر عدد القتلى في التزايد بنحو غير مسبوق وقتل في هذا العام 7000 جندي أفغاني وأُصيب 12000 جندي آخر بجراح خلال المواجهات مع المعارضة المسلحة للدولة.[5] (الشكل 1)
في عام 2015م زاد عدد الخسائر في صفوف القوات الأفغانية على خسائر عام 2014 بنسبة 27%[6]. من أسباب ارتفاع معدل الخسائر في هذا العام سقوط ولاية كندوز بيد طالبان، وانتقال كامل المسؤولية الأمنية من القوات الدولة للقوات الأفغانية، وتزايد هجمات طالبان، وكذلك العمليات العسكرية المكثفة التي شنتها القوات الأفغانية على الجماعات المُعارضة للحكومة.
فقط بين عامي 2007م و 2015م بلغ عدد قتلى القوات الأفغانية نحو 24820 شخص، وإذا أُضيف لهذا العدد قتلى الأشهر الثمانية الأولى من عام 2016م فسيتجاوز العدد 30000 قتيلاً، مع عشرات الآلاف من الجرحى.
الشكل 1: خسائر القوات الأفغانية
المصدر: BBC، إذاعة (آزادي) و FAS
ارتفاع حصيلة ضحايا القوات الأفغانية في عام 2016
أعلنت إدارة التفتيش الخاصة لإعادة إنشاء أفغانستان (SIGAR) في تقريرها المنشور حديثا في 30/أكتوبر من هذا العام أن عدد القتلى في صفوف القوات الأمنية الأفغانية منذ بداية يناير لهذه السنة حتى 19/أغسطس بلغ 5523 شخص وجُرح في هذه المدة 9665 شخص آخر. يشير هذا الرقم إلى زيادةٍ بنسبة 9% مقارنةً بعام 2015م. في مدة مشابهة في عام 2015 قُتل نحو خمسة آلاف شخص من القوات الأمنية وجُرح 15 ألف جندي آخر. وبالنظر في استمرار هجمات المعارضة المسلحة للحكومة فالمحتمل أن يزداد عدد الضحايا في صفوف القوات الأمنية خلال هذا العام بشكل أكبر.[7]
طبق تقرير (SIGAR) فإن عدد الحوادث الأمنية أيضاً زاد عن العام الماضي، وحسب إحصائية هيئة الأمم المتحدة فقد وقع 5996 حدث أمني منذ 20/مايو حتى 15/أغسطس (88 يوماً)، ويشير هذا العدد إلى ارتفاع عن عدد الحوادث الأمنية في مدة مشابهة من العام الماضي بنسبة 4.7%.
سقوط المديريات والمساحات التي تسيطر عليها الحكومة
في عام 2015 كانت الحرب مستعرة كما هي في هذا العام، ولذا سقطت مديريات أكثر بيد طالبان مقارنة بالأعوام السابقة. وفق تقرير مجلة Long War Journal في أكتوبر/2015م، فإن طالبان تسيطر على 31 مديرية من مجموع مديريات أفغانستان البالغ عددها 398 مديرية. وهناك 36 مديرية أخرى تسيطر حركة طالبان على النواحي المحيطة بها مع تواجد الحكومة في مراكزها فقط.
ورد في هذا التقرير أيضاً أن الحكومة الأفغانية لم تكن صادقة في تصريحاتها حول الأوضاع المخيمة بالمديريات. من المديريات التي سقطت بيد طالبان العام الماضي: مديريتي جهار دره و دشت أرجي بولاية كندوز، و مديرية كوهستان بولاية سربُل، ومديرية جوند في ولاية بادغيس، ومديرية ناوه في ولاية غزني، ومديرية يمكان في ولاية بدخشان، ومديريتي نوزاد و خانشين في ولاية هلمند، ومديرية وانت وايكل في ولاية نورستان، ومديرية غورماج في ولاية فارياب، ومديريتي تاله وبرفك و دندغوري في ولاية بغلان. الأساليب الخاطئة التي تنتهجها الحكومة مثل تشكيل المليشيات والمعاملة السيئة من قِبل الشرطة المحلية وعدم وجود الإدارة السليمة أدت إلى تسهيل وقوع المديريات بيد تنظيم طالبان.
في الوقت الراهن حسب تقرير (SIGAR) هناك 33 مديرية في 16 ولاية تحت سيطرة المعارضة المسلحة، والحرب جارية بشدة في مديريات كثيرةٍ أخرى.
يفيد هذا التقرير أن نحو 63.4% من أرض أفغانستان تسيطر عليها الحكومة الأفغانية، وخلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط خرجت 2% من أرض أفغانستان من سيطرة الحكومة. هذا فيذ حين أن الجنرال جون نيكلسون قائد القوات الأمريكية في أفغانستان ذكر في شهر سبتمبر من هذا العام أن القوات الأفغانية تسيطر على 68 إلى 70 في المئة من أفغانستان، وبالتالي تسيطر المعارضة المسلحة للحكومة على نحو ثلث أرض أفغانستان، ووفقا لتقرير SIGAR فإن أصعب تحدي أمام محاولات إعادة إنشاء البلد هي الهجمات المسلحة من قِبل طالبان والجماعات المسلحة الأخرى.
أسباب ازدياد ضحايا القوات الأفغانية
هناك أسباب عديدة وراء ارتفاع حصيلة الضحايا بشكل سنوي في الأعوام الماضية، من أهمها ما يلي:
ازدياد المسؤولية المحملة على عاتق القوات الأفغانية: قبل عام 2010 كانت خسائر القوات الأفغانية أقل حيث كانت الهجمات العسكرية في أغلب أرجاء البلد تُشن من قِبل القوات الأجنبية، ولكن بعد عام 2011 عندما بدأت مسؤولية تأمين الأمن تقع على عاتق القوات الأفغانية بشكل تدريجي و منذ بداية سنة 2015 حينما انتقلت المسؤولية الأمنية بشكل كامل من القوات الأجنبية إلى القوات الأفغانية، صار دور هذه القوات في الحروب أكبر وبالتالي أخذت حصيلة الخسائر في الازدياد.
اشتداد الحرب: السبب الآخر وراء زيادة حصيلة ضحايا القوات الأمنية الأفغانية اشتداد الهجمات من قِبل المعارضة المسلحة للحكومة وخصوصاً في العامين الأخيرين. في هذين العامين لم يُشاهد اشتداد الحرب فحسب وإنما طالت الهجمات مناطق كانت محسوبة على أنها أكثر أمناً، وظهرت كذلك استعدادات أكبر من حركة طالبان في ميدان القتال واستطاعت الحركة شن هجمات كثيرة.
قلة التجهيزات: تعاني القوات الأفغانية في حربها مع معارضي الحكومة المسلحين من قلة التجهيزات، ولذا في كثير من المناطق تتعرض القوات الأفغانية للمحاصرة من قِبل المعارضة المسلحة وتتكبد القوات الأفغانية إثر ذلك خسائر ملحوظة. الجيش الأفغاني اليوم يُعتبر من أفقر الجيوش في المنطقة والعالم من ناحية امتلاك العدة والعتاد. خلال السنين الأربع عشرة الماضية تدفقت معونات كثيرة على أفغانستان وخصوصا في المجالات الأمنية، ومع ذلك فإن القوات الأفغانية نظراً لقلة الإمكانيات والتجهيزات العسكرية تعاني من عجز في أداء مهامها.
عدم التنسيق، وضف الإدارة: حذر القائد الأعلى للقوات الأمريكية والناتو بأفغانستان الجنرال نيكلسون قبل أسبوع من أن (إخفاق وضعف) إدارة وقيادة القوت الأمنية بأفغانستان تسبب في ارتفاع حصيلة الخسائر في صفوفها.
النهاية
[1] Office of the President, Ashraf Ghani’s Speech in a security conference, Nov 1 2016, see it online: http://president.gov.af/fa/news/188177
[2] سلام وطندار، «رد على تقرير SIGAR، خسائر القوات الأفغانية لم تزدد»، على الرابط أدناه:
http://salamwatandar.com/Article.aspx?a=27554
[3] للمزيد حول خسائر القوات الأفغانية في الأعوام (۲۰۰۷-۲۰۱۱) يرجى الرجوع للرابط:
https://www.fas.org/sgp/crs/natsec/R41084.pdf
[4] لمزيد من المعلومات يرجى الرجوع للرابط أدناه:
http://www.bbc.com/persian/afghanistan/2014/11/141106_mar_nato_secretary_kandahar_herat
[5] لمزيد من المعلومات يرجى الرجوع للرابط أدناه:
http://da.azadiradio.com/a/27491120.html
[6] Enhancing security and stability in Afghanistan, US Department of Defense, December-2015:
http://www.defense.gov/Portals/1/Documents/pubs/1225_Report_Dec_2015_-_Final_20151210.pdf
[7] SIGAR, Quarterly Report to the United States Congress, October 30 2016, see it online: