مجلس النواب مقابل الحكومة

 

استدعى مجلس النواب ستة عشر وزيراً الأسبوع الماضي، حيث تم سحب الثقة من سبعة منهم وحصل التسعة الباقون على الأصوات المخولة لبقائهم في مناصبهم.

لم تنعكس عملية استدعاء هؤلاء الوزراء على وسائل الاعلام المحلية والعالمية فحسب، بل تسببت في إثارة ردٍ قاسي من حكومة الوحدة الوطنية. تم استدعاء هؤلاء الوزراء وسحب الثقة من بعضهم في حين أن الحكومة بالإضافة إلى الحرب مع طالبان تواجه تحدياتٍ عديدة في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقة الشعبية.

يتناول هذا المقال مراحل الخلاف وانعدام الثقة بين حكومة الوحدة الوطنية والبرلمان خلال العامين الماضيين، وعملية الاستدعاء والمستقبل المتوقّع.

 

المواجهات بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية

منذ البداية كان هناك خلاف بين حكومة الوحدة الوطنية والبرلمان الأفغاني ومر هذا الخلاف بالمراحل التالية:

أولاً، انتقد مجلس النواب السياسة الخارجية لحكومة الوحدة الوطنية وخصوصاً في أشهرها الست الأولى، وانتقد كذلك سياسة كابل تجاه باكستان ومنحها امتيازاتٍ لباكستان، وسياسة حكومة الوحدة الوطنية تجاه السلام.

ثانياً، قبِل مجلس النواب 8 وزراء من أصل 18 وزير رشحتهم الحكومة، وبعد ثلاثة أشهر حصل 16 وزير آخر على الأصوات المطلوبة لتنصيبهم من البرلمان.

ثالثاً، اتهم بعض نواب البرلمان حكومة الوحدة الوطنية بمناصرة داعش.

رابعاً، التوترات ازدادت بين مجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية حيال انتخابات المجلس التشريعي ومجالس شورى الولايات. وقد وضعت الحكومة الأفغانية حداً لهذه التوترات بنحوٍ ما عندما أعلنت عن جداول الانتخابات ومددت في فترة عمل مجلس البرلمان الحالي.

خامساً، رفض مجلس النواب بشكل متتابع المراسيم الرئاسية حيال التعديلات في نظام الانتخابات وأرسل الرئيس الموضوع أخيراً إلى المحكمة العليا.

والآن مرةً أخرى، سحب البرلمان الثقةَ من سبعة وزارء.

 

عملية الاستدعاء

من تاريخ 12 حتى 18 نوفمبر 2016، استدعى مجلس النواب 17 وزيراً من وزراء الحكومة الأفغانية، والذين صرفوا أقل من 70% من الميزانية التطويرية. وزير الثقافة والمعلومات كان قد أعلن استقالته قبل بدء عملية الاستدعاء، لهذا، قام البرلمان باستدعاء 16 وزيراً فقط.

على الرغم من أن الرئيس الأفغاني كان قد أعلن أنه سيقوم بفصل الوزراء الغير قادرين على صرف الميزانية التطويرية بشكل حسن، إلا أنه في أول ايام الاستدعاء، استفز إخراج ثلاثة وزراء الرئيسَ غني وقال بأن أسباب استدعاء الوزراء “ليست وجيهة”.[1]

 وطالب الرئيس الأفغاني البرلمان الأفغاني بتأجيل الجلسة وطلب من الوزراء عدم المشاركة في الجلسات ولكن خلافاً لرغبة وطلب الرئيس، اكتملت عملية الاستدعاء الأسبوع الماضي وتم سحب الثقة من سبعة وزراء من ضمنهم وزير الخارجية.

وبالنسبة لموضوع رفض المرسوم المرتبط بالإصلاحات الإنتخابية، قامت الحكومة الأفغانية بإرسال قضية استدعاء الوزراء للمحكمة العليا وطلبت من المحكمة أن تتخذ قراراً حول هذه المسألة، على ضوء “الدستور الأفغاني، ووضع الدولة الفعلي وبالأخص الأخذ بعين الإعتبار المشكلات المالية لعام 2015 والوعود التي أجّلها أو ألغاها المجتمع الدولي.”[2]

إقدام مجلس النواب المزدوج

في جلسة الاستدعاء الأولى، ثم سحب الثقة من ثلاثة وزراء؛ ولكن في الجلسات الأخرى لم يحضر الوزراء الذين تم استدعاؤهم وتمت عملية سحب الثقة في غيابهم. تم سحب الثقة من أربعةٍ منهم بينما حصل الآخرون على الأصوات الكفيلة باعتماد بقائهم، لذا لم يُتهم البرلمان بالتعامل المزدوج فحسب[3] وإنما في نظر البعض “سحب ثقة الوزراء في غيابهم ليس مما صرّح به الدستور”.

في لقاء مع البرلمان ولقاءٍ خاص مع مجلس الوزراء[4]، أكدت الحكومة الأفغانية على أن الأسباب التالية هي الأسباب التي أدت إلى إخفاق الوزارات في صرف ميزانية الوزارات التطويرية:

  • حسب رئيس الدولة وبعض كبار المسؤولين الآخرين، فالحقيقة أن معظم الوزراء بدأوا عملهم بعد منتصف عام 1394 هـ ش، وكانوا بالكاد قادرين على صرف الميزانية التطويرية بشكل حسن.
  • حسب تصريحات رئيس الجهمورية والرئيس التنفيذي، كان التدهور الأمني سبباً آخر؛ لأن الحكومة أخفقت في إكمال المشاريع وصرف الميزانية بسبب اختلال الحالة الأمنية.
  • ترى الحكومة بأن التأخير في وصول المساعدات من دعم المجتمع الدولي للحكومة الأفغانية سبب آخر وراء القضية.
  • السبب الآخر هو أن الحكومة الأفغانية ركّزت على المشاريع القديمة والتي كانت متوقفةً منذ عام 1393 هـ ش.

 

تقييم ادعاءات الحكومة

إذا ما قمنا بتقييم أول أسباب فشل الحكومة في صرف ميزانيتها التطويرية، سنجد أن الحكومة ليست على صواب لأنه من جهة بالإمكان إلقاء اللوم على الحكومة في مسألة تأخير ترشيح الوزراء ومن جهة أخرى، معظم الوزراء تمت الموافقة عليهم من قبل مجلس النواب قبل عام 2015.  تم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في 29 سبتمبر 2014 وقام الرئيس بتمثيل الحكومة بشكل رسمي امام مجلس النواب في 20 يناير 2015. في 28 يناير 2015، تمت الموافقة من قبل مجلس النواب على 8 وزراء من أصل 18 وزير ولاحقا في تاريخ 18 أبريل 2014 تمت الموافقة على 16 وزير آخر.

أما في السببين الثاني والثالث، يتراءى صدق الدولة إلى حد ما، لأن حالة الأمن الحالية للدولة تشهد على ذلك، وخلال عام 1393هـ ش تعاملت الدولة مع كوارث سياسية ولكن على الرغم من هذا، لا يمكن افتراض أن المشاريع القديمة وتأخير تسليم المساعدات من قبل المجتمع الدولي والحالة الأمنية هي سبب الفشل في صرف الميزانية المخصصة للتطوير من قبل جميع الوزراء إذ أن اللوم يقع على هؤلاء أيضاً.

لم يكن الوزراء قادرين كذلك على صرف الميزانية المخصصة للتطوير في السنوات التي تلت عام 1381 هـ ش عندما ضُخّت مبالغ خارجية ضخمة في أفغانستان، وكانت الدولة في حالة أمنية أفضل من الآن. انتقاد سرور دانش، النائب الثاني للرئيس كان مشابهاً لهذا الانتقاد، فقد قال: “السبب وراء الفشل في صرف الميزانية ليس في الأفراد وإنما في تركيبة الإدارات، لهذا وبدلاً من التركيز على الأفراد علينا أن نركز على النظام المتعلق بالميزانية و المشاريع، و طرق وأساليب العمل وعملية التموين والتجهيز.”[5]

 

ماذا سيحصل بعد ذلك؟

استدعاء وسحب الثقة من الوزراء في هذه الوضع الحرج والحساس للدولة يعتبر تحدياً جديداً. على الرغم من أن المشكلة قد حُلت إلى حد ما على المدى القصير، وبحسب المرسوم الذي أصدره الرئيس فإن الوزراء المفصولين سيستمرون في أداء وظائفهم، ولكن ستزداد التوترات والظنون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. وسيعتبر مجلس النواب هذا الموقف تقييداً لصلاحية وسلطة المجلس التشريعي، لأنه في كلتا الحالتين المرتبطتين بالمرسوم التشريعي وسحب الثقة من الوزراء، لم تقبل الحكومة قرار مجلس النواب.

إذا دعمت المحكمة العليا قرار مجلس النواب المتعلق بسحب الثقة من الوزراء، فسيؤدي ذلك إلى ظهور نزاعات بين زعيمي حكومة الوحدة الوطنية مرةً أخرى حول اختيار الوزراء الجدد.

علاوة على ذلك، تحوم شائعات حول كون القصر الرئاسي وراء سحب الثقة من الوزراء ساعياً بهذا إلى إخلاء بعض المناصب للمجلس المعارض (مجلس الحراسة والثبات) والحزب الإسلامي (حكمتيار)، الأمر الذي نفاه القصر الجمهوري. تعيين الوزراء الجدد من هذه المجموعة سيؤكد الشائعات، وسيؤدي إلى تقليل حدة معارضة هذين المجلسين.

النهاية

[1]  اقرأ المزيد هنا:
http://president.gov.af/ps/news/228209

[2] لمزيد من المعلومات يرجى الرجوع للرابط:
http://president.gov.af/ps/news/228219

[3]  للمزيد يرجى الاطلاع على الرابط:

http://www.salamwatandar.com/Article.aspx?a=27950

وكذلك تقرير جريدة ماندكار ، الأربعاء، “لماذا تم التعامل مع الوزراء بطريقة مزدوجة؟”

[4] اقرأ تقريراً مفصلا حيال جلسة مجلس الوزراء هنا على الرابط:
http://president.gov.af/ps/news/228219

[5] المصدر السابق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *