بطاقات الهویة الإلكترونیة ومستقبل الخلافات حولها
حكمت الله زلاند / مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية
الحاجة إلی توزیع بطاقات الهویة الإلكترونیة من أجل الشفافیة في الانتخابات والحد من التزویر فیها، هو سبب تأخیر الانتخابات البرلمانیة ثلاث سنوات؛ ولكن ومع هذا التأخیر بدأت الانتخابات من دون توزیع بطاقات الهویة، حالیا هناك تزویر واسع النطاق في عملیة توزیع بطاقات الهویة الورقیة.
بجانب قضیة الانتخابات ولأسباب أخری كان یجب توزیع بطاقات الهویة من قبل؛ ولكن واجهت هذه العملیة موانع وتواجهها حتی الآن. الرئیس أشرف غني دشن هذه العملیة باستلامه أول بطاقة في الثالث من شهر مايو؛ بینما ظهر الرئیس التنیفیذي الدكتور عبدالله عبدالله في مؤتمر صحفي وأبدی معارضته لهذا القرار للرئیس.
ما هي أهمیة توزیع بطاقات الهویة الإلكترونیة وما الحاجة إلی ذلك؟ ما هي الأسباب لوجود الخلافات حول هذه العملیة؟ وما هو مصیر هذه العملیة في ظل هذه الخلافات؟ نحاول الإجابة عن هذه الأسئلة هنا.
أهمیة بطاقة الهویة الإلكترونية والحاجة إلیها
تعتبر عملية توزیع بطاقات الهویة الإلكترونية في أفغانستان مبادرة بين كثير من دول المنطقة ولها أهمیة كبیرة لأسباب كثیرة، منها:
- الحد من التزویر في الانتخابات؛
- حفظ تكلفة توزیع البطاقات أو تسجیل أسماء الناخبين للانتخابات؛
- معرفة عدد السكان بشكل صحیح ودقیق؛
- الاستفادة من مزایا هذه البطاقة داخل البلاد وخارجها وفقا للمعاییر الدولیة؛
- تسهیل خدمات الجواز، ترخيص السيارات، إجازة القيادة، وثيقة الزواج وغیرها؛
- منع الأجانب من استلام بطاقة الهویة الأفغانیة؛
- الحد من استلام شخص واحد لأكثر من بطاقة الهویة، ومخالفات أخری ومنع الفساد الإداري؛
- ضبط الجرائم الجنائیة وتسهیل معرفة المجرمین؛
- وغیر ذلك.
هذه هي أمور مهمة لتأسیس الحكومة الإلكترونیة لتقدیم الخدمات من قبل أي دولة، وفي جمع الضرائب ودفعها، وفي التنمیة الاقتصادیة، وصناعة السیاسات.
عملیة توزیع الهویة الإلكترونیة المتأخرة
بدأ المشروع العملي لتوزیع الهویة الإلكترونیة لأول مرة عام ۲۰۱۰ في شهر دیسمبر من قبل وزارة الاتصالات وتكنولوجیا المعلومات وشركة أهلیة باسم GTR بتوقیع عقد، وكان من المقرر أن یبدأ التوزیع في ثمانیة أشهر؛ ولكن لم یبدأ التوزیع لأسباب غير معروفة.[1]
بعد ذلك في شهر مارس من عام ۲۰۱۲ بهدف البدأ العملي لهذا المشروع وقع عقد بین وزارتي الاتصالات والداخلیة لتبدأ توزیع الهویة الإلكترونیة خلال ستة أشهر؛ ولكن لم تبدأ مرة أخری لأسباب مختلفة غیر معروفة.
أحد أسباب الخلاف في هذا المشروع هو الخلافات بشأن قانون الأحوال المدني، مع أنه تم تأییده من قبل البرلمان عام ۲۰۱۳ ولكن قبل ذلك لم یوقع علیه الرئیس حامد كرزاي وتركه لرئیس من بعده.
بعد تشكیل حكومة الوحدة الوطنیة الرئیس أشرف غني عام ۲۰۱٤ شهر دیسمبر أید قانون الأحوال المدنیة في أن لا تكتب القومیة أو الملة في بطاقة الهویة حسب المادة السادسة منه، لكن واجهت هذه المادة معارضة وانتهی بهذه العملیة إلی صراع.
في النهایة الرئیس وبعد المشاورات في أمر تقنیني أید الأصل المعدل من هذا القانون في شهر مارس من عام ۲۰۱۷ وذكر فیه الخصوصیة القومیة والملة والدین. مجلس النواب رد هذا الأمر التقنیني وأیده مجلس الشيوخ، وشكلت لجنة من كلا المجلسین وأید في النهایة هذا الأمر ولكن لم تنته المشكلة بشكل نهائي.
لماذا الخلافات بشأن الهویة الإلكترونیة؟
ذكر الملة أو القومیة قضیة كان مانعا من توزیع الهویة الإلكترونیة منذ سنوات. المعارضون لكتابة الملة یقولون: كلمة «أفغان» معناها «بشتون»، وكتابة أفغان في بطاقة هویة الجمیع هو تزویر للهویة. موقف الجمعیة الإسلامیة یؤكد أیضا عدم الحاجة إلی ذكر الهویة القومیة، ویكفي توزیع البطاقات بعنوان «جمهوریة أفغانستان الإسلامیة».[2]
من جانب آخر تصرح الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من الدستور الأساسي لأفغانستان علی أن «كلمة أفغان تطلق علی كل فرد من موطني أفغانستان». لذلك الموافقین لذكر كلمة «أفغان» یرون أن هذه العملیة لیس فیها أي مشكلة من الناحیة الحقوقیة والقانونیة ولا یحتاج هذا الموضوع إلی أي تشاور. لذلك قال الرئیس غني في اجتماع بعد تدشین هذه العملیة: «لیس بحثنا حول كیفیة دستورنا الأساسي، ولكن كیف نطبق القانون».[3]
السبب الآخر لتشدید الموافقين لذكر كلمة «أفغان» في البطاقة الإلكترونیة علی موقفهم هو أن من الناحیة التاریخیة والرسمیة سمي سكان أفغانستان منذ السابق بالأفغان، وعلی مستوی العالم كل من یسكن في هذه الجغرافیا یعرف باسم الأفغان؛ ولذلك استخدام الهویة «أفغانستاني» أو «خراساني» أو أي هویة أخری غیر مقبول. كما أن في البلاد المختلفة هناك أقوام مختلفة تعرف بهویة واحدة؛ مثلا في أزبیكستان یعرفون باسم الأزبیك، وفي طاجیكستان باسم الطاجیك، وفي تركمنستان باسم التركمن إلخ.
الرئیس التنفیذي للحكومة مع أنه أبدی معارضته لهذه العملیة، إلا أنه قال في المؤتمر أنه یعتز بهویته كـ”أفغان” و “مسلم”؛ ولما لم یكن هناك إجماع وطني حول الموضوع ولا یوجد هناك توافق بشأنه؛ رده وعده مخالفا للقانون، واستمراره ینتهي بالبلاد إلی الأزمة.
ویرید بعض السیاسیین استغلال هذه القضیة والعصبیة القومیة واللغویة في الدعایة لأنفسهم وتكثیر جموعهم. ولذلك في كلا الطرفین هناك عدد من السیاسیین یتحدثون لصالح الفرقة.
مع ذلك في الوقت الحالي مع استمرار هذه العملیة لا یخشی أي صراع جدال؛ لأن كان قد شارك في تدشین هذه العملیة مسؤولون كبار وسیاسیون قومیون منهم رئیس مجلس النواب ورئيس مجلس الشيوخ، وابن النائب الأول للرئیس باتور دوستم، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية فیض الله ذكي، والنائب الثاني للرئیس سرور دانش، ورئیس مجلس الأعلى للسلام محمد كریم خلیلي، والنائب الأول للرئیس التنفیذي المهندس محمد خان ومسؤولون آخرون.
وفي الشبكات الاجتماعیة أیضا یشاهد أن آراء عامة الأفغان تغیرت كثیرا، والشعب لا یرید الاستمرار في الخلافات حول هذه القضیة.
مستقبل الخلافات
لو لم تستخدم بطاقات الهویة الإلكترونیة في الانتخابات البرلمانیة القادمة؛ فإن بدأ توزیع هذه الهویة إنجاز كبیر ولها أهمیة في إنهاء مشكلة التأخیر لسنوات.
حالیا تتقدم عملیة توزیع البطاقات الورقیة والإلكترونیة، وبعد الاتخابات القادمة یمكن تحدید مدة لإلغاء البطاقات الورقیة. یبدو أن المشكلة تنحل بهذه الطریقة وفي الأشهر القادمة یضطر الشعب إلی استلام البطاقة الإلكترونیة.
كما تقول إدارة الأحوال المدنیة؛ یبدو أن هذه العملیة لا تتوقف نتیجة للخلافات السیاسیة ویفتتح مكاتب التسجیل في المدن الكبیرة بعد عدة أشهر؛ ولكن قد تكون أمامها عقبات أیضا.
الخلافات الموجودة بشأن هذه العملیة تحتاج إلی مواقف حاسمة؛ لأن تدخل بعض الأطراف في هذه القضیة جعلت القضیة غیر قابلة للحل. استغلالا لكتابة القومیة والملة في البطاقات الإلكترونیة جعل البعض یتحدث عن تغییر اسم «أفغانستان» إلی «خراسان»، وهذا یحمل معه صورة لتعمیق الخلافات والمشاجرات، وإذا أدت هذه القضیة إلی مباحثات أخری؛ قد یجعل الوصول إلی الحل غیر ممكن.
النهاية
[1] See online: http://mcit.gov.af/fa/news/273
[2] See online: http://www.bbc.com/persian/afghanistan-44003572
[3] See online: http://www.bbc.com/pashto/afghanistan-44030913