علاقات کابول – إسلامآباد بعد وصول عمران خان
بعد وصول عمران خان إلى رئاسة الوزراء في باكستان وتشكيل الحكومة الجديدة، قدم وزير الخارجية شاه محمود قريشي الأسبوع الماضي إلى كابول، وهو أول مسؤول باكستاني رفيع المستوى يصل إلى كابول بعد تشكيل الحكومة الجديدة.
التقى قريشي مع كبار المسؤولين الأفغان بمن فيهم الرئيس الأفغاني والرئيس التنفيذي للبلاد، وناقش في هذه الزيارة قضايا مختلفة؛ حول الأمن والاستقرار في المنطقة، والتخطيط العلمي لأفغانستان وباكستان، والقضاء على مناخ من عدم الثقة بين البلدين.
قبل شهر واحد فقط (في 18 أغسطس 2018)، اعتلى عمران خان، رئيس حزب “تحريك الإنصاف الباكستاني” في البرلمان كرئيس الوزراء الجديد في باكستان، وقال إنه يريد علاقات جيدة مع جميع الجيران ويحاول كثيرا في مجال تحسين العلاقات.
ما هي استراتيجية رئيس الوزراء الباكستاني الجديد عمران خان حول أفغانستان؟ وما مدى نجاحه في بناء علاقات مع أفغانستان؟ وما هي توقعات حول مستقبل العلاقات الباكستانية الأفغانية مع وصول عمران خان.؟ أسئلة تمت مناقشتها في هذا الجزء من التحليل الأسبوعي.
استراتيجية عمران خان
وضع عمران خان أساس حزب “تحريك الإنصاف” السياسي في عام 1997م وبدأ نشاطه السياسي بعد الكريكيت في باكستان؛ وقد تمكن من وصول الحكم وتولي رئاسة الوزراء بعد عقدين من الزمان. وهذه هي المرة الأولى في تاريخ باكستان، يتولى أمر الحكومة حزب و شخص جديدين بدلا من حزب “مسلم ليك” وحزب الشعب “بيبلز بارتي” ويصبح رئيسا للوزراء في البلاد.
بعدما دخل عمران خان في السياسة، ردد دوما في أنشطته السياسية واجتماعاته شعارات لمكافحة ضعف الحكومة والفساد، ومن ناحية أخرى، أعلن مخالفته من الحضور الأمريكي وقصف الطائرات الأمريكية بدون طيار في مناطق القبائل الباكستانية.
وقال عمران خان في بيان قبل إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة في باكستان، إذا فاز في الانتخابات، فإنه سيحاول تحسين علاقات كابول مع إسلام آباد. وبعد فوزه في الانتخابات، صرح مرة أخرى في بيان متعلق باستراتيجية حكومته الخارجية خلال خطابه في إسلام آباد: ” نريد علاقات حسنة مع أفغانستان ونأمل أن يومًا ما يكون لدينا مثل الاتحاد الأوروبي معابر مفتوحة مع أفغانستان، أفغانستان هي الشعب الوحيد الذي شهد الحروب الأكثر، وسنبذل جهودا جادة للسلام والاستقرار في أفغانستان، لأن السلام في أفغانستان هو السلام والأمن في باكستان”.
وبالإضافة إلى ذلك، قال عمران خان في اجتماع في مدينة كراتشي الأسبوع الماضي: نعطي جوازات سفر ووثائق باكستانية لأطفال الأفغان الذين نشأوا وترعرعوا في هذا البلد.
نظرا إلى مواقف عمران خان السابقة وجذوره البشتوية، ازدادت آمال الجهة الأفغانية بعد توليه الحكم بباكستان في جهود الحكومة الجديدة وسياساتها الجيدة واستراتيجيتها الإيجابية. كما دعا الرئيس غني رئيس الوزراء الباكستاني إلى تهيئة الطريق للعلاقات الثنائية الصادقة بين البلدين. ولكن في العموم، ليست الآمال في محلها نظرا لأسباب مختلفة؛ لأن محللي العلاقات الثنائية يرون بأن عمران خان سيتبع في الغالب الاستراتيجية السابقة في القضية الأفغانية؛ لأنه من ناحية، يعتبر الشخص القريب من الجيش الباكستاني، ومن ناحية أخرى وبالنظر إلى المخاوف الحالية وعدم الثقة بين البلدين، لا ترى إمكانية التغيير في الاستراتيجية الباكستانية حول القضية الأفغانية سهلا وميسورا.
هل سينفذ عمران خان وعوده؟
لقد أعلن عمران خان دائماً شعار المكافحة ضد الفساد والفقر، وكان يأمل كبت الحكومة الضعيفة وإنشاء “باكستان الجديدة”. كما وعد بعد نجاحه في الانتخابات بأنه سيحاول تحسين العلاقات مع جيرانه.
وبالنظر إلى هذه التعهدات، يبدو أنه يقدر على تلبية توقعات “باكستان الجديدة” في الداخل، وسيعمل على مكافحة الفساد والتنمية الاقتصادية. ولكن في الجانب الآخر، ما تعهد من تحسين العلاقات بالمنطقة ودول الجوار، كثيرا ما لا يتعلق بالمؤسسات المتدنية الباكستانية وإنما القرار النهائي في هذا الشأن هو للجيش الباكستاني.
على الرغم من أن هناك تحليلات، بأن رئيس حزب “تحريك الإنصاف” عمران خان أكثر الأحزاب قربا للجيش الباكستاني وكان دعم الجيش الباكستان وراء فوزه في الانتخابات الأخيرة، إلا أنه سيرتب سياسته الخارجية ولا سيما في ما يتعلق بأفغانستان، والهند، والولايات المتحدة، والصين وروسيا موافقا مع مطالب الجيش الباكستاني.
وما تواجه باكستان من ضغوط دولية على النطاق الواسع في السنوات الأخيرة، وفي الوقت نفسه، تم إيقاف المساعدات الأمريكية، ومن ناحية أخرى تواجه مشكلات عويصة في الساحة الأمنية، والسياسية والاقتصادية، هناك مؤشرات تبدو أن تعمل الحكومة المدنية والإدارة العسكرية معا لتخرج البلاد من هذه الحالة وتقلص من حجم الانعزال الدولي والخسائر الواردة في ثقتها على المستوى الدولي.
مستقبل العلاقات الأفغانية الباكستانية
باكستان وأفغانستان هما الدولتان المجاورتان اللذان تشكان في مواقف كل منهما على الدوام، وكان دائما عدم الثقة موجودا بين البلدين. ولقد مرت العلاقات بين البلدين، لا سيما بعد أحداث 2001م وعلى مدى السنوات الـ 17 الماضية، بالعديد من المراحل التي تراوحت بين التوتر وما يشبه الانفراج. وعلى الرغم من المحاولات التي بذلت لإعادة بناء هذه العلاقات إلا أن الفائدة الوحدية كانت هي أن حسنت العلاقة لفترة وجيزة وأعيدت إلى حالة من عدم الثقة بعد حادثة أمنية.
وصول شخص في رئاسة الوزراء الباكستانية وهو الذي تربطه علاقات وثيقة بالجيش، وتعهده على إقامة علاقات جيدة مع أفغانستان بعد توليه الحكم، وهكذا سفر وزير الخارجية وتعهداته حول السلام والاستقرار في أفغانستان، هي أمور أثارت أمل إعادة العلاقات الباكستانية الأفغانية.
وفي جانب آخر، عمران هو الشخص الذي عارض في السابق الحضور الأمريكي في أفغانستان والمنطقة، ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، ذكر مؤخراً للسفير الأمريكي في باكستان بأن هناك حاجة إلى حل سياسي في القضية الأفغانية، ولابد أن تستقر الأمور من خلال المصالحة السياسية في أفغانستان.
يعتقد عمران خان أن باكستان نالت خسائر كبيرة من الحرب الأمريكية في أفغانستان. وقد صرح في بيان له مع التلفيزيون الروسي “آر تي”: مشاركة باكستان في الحرب الأجنبية أوقعتها في مواقف حرجة وخسائر فادحة وعلمتها بأن لا تشارك في الحروب الأجنبية أبدا.
على الرغم من كل هذا، يبدو أن الحكومة الباكستانية الجديدة تحاول الحد من الضغوط السياسية الأخيرة عليها من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. وحينما بدأت الولايات المتحدة مفاوضات السلام مع طالبان مباشرة، هناك توقعات بأن الحكومة الباكستانية تحاول دفع طالبان للحضور في محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة طلبا لنيل بعض الامتيازات. ما يمكن أن يكون جهدا حقيقيا في عملية السلام من قبل هذه المجموعة. وفي الوقت نفسه، ما زالت هذه التحليلات قائمة، بأن باكستان لا تتخلى عن استراتيجيتها العميقة حول القضية الأفغانية بسهولة، ولا تغير التغييرات قصيرة المدى في استراتيجيتها شيئا من استراتيجيتها العميقة بسبب مخاوفها الدائمة.
انتهى