الانتخابات البرلمانية والحالة الأمنية السيئة في أفغانستان
كان إجراء الانتخابات البرلمانية بعد الإصلاحات الانتخابية، من أهم الالتزامات الرئيسة لحكومة الوحدة الوطنية؛ ولكن بدأ تطبيق هذه العملية بعد تأجليها حوالي أربع سنوات من تشكيل الحكومة.
تبدأ عملية إجراء الانتخابات البرلمانية والوضع الأمني للبلاد يتدهور يوميا ويذهب عشرات الأرواح نتيجة للصراع المستمر. ونظرا إلى هذا الوضع، إضافة إلى المشكلات العديدة الأخرى أثناء الانتخابات، فإن الوضع الأمني السيء للبلاد يمثل تحديا كبيرا، والذي يهدد عملية الانتخابات، والناخبين والمرشحين على السواء.
الانتخابات البرلمانية، والوضع الأمني للبلاد، والتهديدات الأمنية الحالية لهذه العملية، ومدى شمول وشفافية الانتخابات البرلمانية، هي الموضوعات التي تمت مناقشتها في هذا الجزء من التحليل الأسبوعي.
الانتخابات البرلمانية
تنتهي فترة عمل البرلمان في أفغانستان في اليوم الأول من الشهر الرابع حسب مادة الـ83 من الدستور. تنص هذه المادة على: “تنتهي فترة عمل البرلمان في العام الخامس في أول يوم شهر السرطان (الشهر الرابع للسنة الشمسية)، بعد إعلان انتهاء الانتخابات ويبدأ البرلمان الجديد في العمل”.
واستناداً إلى هذه المادة، انتهت فترة عمل البرلمان الحالي مع نهاية الشهر الثالث (جوزا) من عام 1394 هـ.ش، وكان ينبغي على البرلمان الجديد بدء العمل بدلاً من ذلك؛ لكن لم تستطع حكومة الوحدة الوطنية بسبب نزاعات داخلية، إجراء الانتخابات على موعدها، ومددت فترة البرلمان نفسه.
تمكنت حكومة الوحدة الوطنية على مدى السنوات الثلاث الماضية، من إعلان موعد الانتخابات البرلمانية واعتبرت يوم 28 ميزان (الشهر السابع) من عام 1397هـ.ش آخر أيام البرلمان الحالي، وبدأت عملها لتطبيق هذه العملية، ولكن الاختلافات بين لجنة الانتخابات والأحزاب السياسية، وعدم الثقة في شفافية الانتخابات والمخاطر الأمنية هي ما يهدد الانتخابات المقبلة.
انعدام الأمن؛ تحدٍ كبير أمام الانتخابات
يعد الوضع الأمني السيء للبلاد والحرب التي تتسع دائرتها يوميا من أكبر تحديات الانتخابات في المرحلة الراهنة. ووفقا للتقارير الدولية، فإن ما يقرب من نصف البلاد يخضع لسيطرة المعارضة المسلحة. وحسب تصريحات للأمم المتحدة، بسبب الوضع الأمني السيء والحرب المستمرة في أفغانستان، راحت ضحيتها 40000 مدني في السنوات الأربع الماضية.
على الرغم من أن المؤسسات الأمنية التابعة للحكومة الأفغانية تتأكد من أمن كل مراكز الاقتراع، وأنه قد تم توظيف 54000 جندي أفغاني من أجل أمن الانتخابات، إلا أن هناك قلق عام في أوساط الجتمع ومؤسسات مراقبة الانتخابات. لأنه مع بدء عملية التسجيل للانتخابات البرلمانية، بدأت تهديدات أمنية تظهر أمام لجنة الانتخابات، والناخبين والمرشحين، والتي لم يسجل من أجلها الناس في معظم أنحاء البلاد في الانتخابات.
ووفقاً للجنة الانتخابية المستقلة، تم اقتراح توفير الأمن لـ 7384 مركز اقتراع إلى المؤسسات الأمنية في كل أنحاء أفغانستان؛ إلا أنه بالنظر إلى الوضع، نجحت قوات الأمن الأفغانية في توفير الأمن لـ 5100 مركز اقتراع فقط. وبسبب تدهور الوضع الأمني، تناقص حوالي 2000 مركز اقتراح في الأنحاء المختلفة للبلاد.
كما بدأت هجمات على مراكز التسجيل إثر افتتاحها في مختلف مدن البلاد. ووفقاً لتقرير بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان (يوناما)، فإنه منذ بدء تسجيل الناخبين أي منذ الشهر الثاني من هذا العام إلى الآن، تعرضت مراكز الاقتراع لـ 23 هجوما والتي تسبب في سقوط 271 ضحية، وكانت أكثرها دموية في هذه الهجمات ما حدث في مركز تسجيل الاقتراح في منطقة دشت برجي في كابول، عاصمة البلاد، وقد أسفر عن مقتل حوالي 200 شخص.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه المرشحون للبرلمان أيضًا تهديدات أمنية. ووفقا للتقارير، فقد تم قتل ثمانية من المرشحين من قبل المسلحين في مدن أفغانستان المختلفة. كما أنه مع بداية رسمية للحملات الانتخابية في الأسبوع الماضي تعرض اجتماع لأحد المرشحين للهجوم في محافظة ننجرهار، وقد سبب مقتل عشرات من المدنيين.
هل ستكون الانتخابات شاملة وشفافة؟
يعد البرلمان في أنظمة ديمقراطية بيتا للشعب، ويمثل الشعب كله. ويختار الناس مباشرة ممثليها المفضلين من خلال الانتخابات، ليمثلوهم في المستقبل تمثيلا حقيقيا.
أجريت انتخابات البرلمان في عام 2001، بعد إنشاء نظام جديد في أفغانستان، خلال حكومة الرئيس السابق حامد كرزاي؛ لكن بعض الأشخاص الذين جاءوا إلى البرلمان في تلك الانتخابات نتيجة الفساد والاحتيال، لم يمثلوا الشعب، ولم يكونوا مسؤولين أمام الشعب، بل ساوموا على القيم الوطنية، وكل ما فعلوا كان على تحقيق مصالحهم الشخصية.
ستعقد الانتخابات البرلمانية الحالية في وضع، يسد الوضع الأمني السيء إجراء انتخابات شاملة في البلاد من ناحية، ومن ناحية أخرى، هناك مخاوف بشأن وجود الفساد الإدراي على نطاق واسع، وستأتي هذه الانتخابات مرة أخرى تحت تأثير الفساد والاحتيال. لأن سيطرة الحكومة على شعبها وأراضيها في أي بلد، لها أثر مباشر على الانتخابات الشفافة الشاملة، ولكن الحكومة الأفغانية بسبب الحرب الجارية والوضع الأمني السيء ليست لها سيادة على كل أراضيها وشعبها من جانب، ومن جانب أخرى، وصل عدم الثقة في شفافية الانتخابات البرلمانية ذروتها بين أوساط المجتمع، وهذا ما أدى إلى التشكيك في شرعية الانتخابات البرلمانية.
على الرغم من ذلك كله، ومن أجل إجراء انتخابات شفافة إلى حد ما، فلا بد أن يحاول في المناطق ذات الأمان النسبي، أن تصوت لأفراد معتمد، وشخصيات علمية، ليمثلوا الشعب في المستقبل ويكافحوا من أجل القيم الوطنية ومعتقداتهم كفاحا حقيقيا.
انتهى