الحواجز القائمة أمام الانتخابات القادمة
الانتخابات البرلمانية التي كانت من المفترض أن تجرى قبل ثلاث سنوات، لأسباب مختلفة وبعد ثلاث سنوات، من المتوقع أن الأسبوع القادم سيعقد في 28 أكتوبر من العام الجاري.
على الرغم من أنه لم يبق إلى الانتخابات الحالية إلا أيام قليلة، ولكن بسبب تدهور الوضع الأمني، والخلافات السياسية في البلاد، ووجود مزاعم بالفساد وادعاءات الاحتيال، وعدم ثقة الناس والأحزاب السياسية في هذه العملية، ستواجه هذه العملية تحديات كبيرة.
وقال قلب الدين حكمتيار رئيس الحزب الإسلامي حديثا: تمت هندسة الانتخابات الحالية من قبل الحكومة الأفغانية واللجنة الانتخابية بحيث ليس للأحزاب السياسية فيها حضور كما ليس لديها الحق في الإشراف على الانتخابات. ولكن تقول اللجنة المستقلة للانتخابات لم تأخذ من 72 حزبا سياسيا رسميا سوى 12 منها وثيقة اعتماد لمراقبة الانتخابات والحزب الإسلامي الذي يقوده قلب الدين حكمتيار، لم يأخذ الوثيقة لأن هذا الحزب ليس رسميا في وزارة العدل.
آلية الانتخابات البرلمانية الحالية والمشاكل التي تعاني منها، واختلافات بين اللجنة الانتخابية والأحزاب السياسية، ما مدى ثقة المعارضة السياسية للحكومة في نتائج هذه الانتخابات؟ موضوعات تم نقاشها في هذا العدد من التحليل الأسبوعي.
آلية الانتخابات
بدأ تسجيل الناخبين للانتخابات البرلمانية في مراكز المحافظات في الشهر الأول من العام الشمسي الجاري (14 إبريل 2018م) حسب الجدول الزمني من قبل اللجنة المستقلة الانتخابية. واعتبرت بطاقة الهوية (تذكرة) للناخب الذي أكمل سن الاقتراع (18 سنة) هي الوثيقة الوحيدة. كما مهدت الحكومة الطريق للأشخاص الذين لم يحصلوا على بطاقة الهوية، بأن يحصلوها عن طريق مكتب تسجيل السكان.
والناخب الذي أكمل شروط الاقتراع، یتم لصق علامة على بطاقة الهویة للمصادقة وتحتوي هذه العلامة على المعلومات الشخصية، والدائرة الانتخابية، والرقم الخاص للمركز الانتخابي. كما يمكن للشخص التصويت في يوم الانتخابات في المركز الذي سجل فيه فقط.
وآلية التصويت في الانتخابات لديها المشاكل الآتية:
أولاً: اعتبار بطاقة الهوية الوثيقة الوحيدة في الاقتراع، أدى إلى توفير الفساد في هذه العملية، فقد قام بعض المرشحين بجعل آلاف من هذه البطاقات، والتي قدم تحالف الأحزاب السياسية عينات منها . كما كانت هناك حالات تم توزيع عدة بطاقات لشخص واحد.
ثانياً: من المشكلات التي واجهت اللجنة الانتخابية هي جعل علامة المصادقة على بطاقات الهوية، وخطفها أحيانا. وقد تلقى مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية على معلومات تنبئ عن جعل مئات بطاقات الهوية بغير الصورة لأشخاص موهومين بالتعاون مع مكتب تسجيل السكان. كما تم مصادقة هذه البطاقات بمساعدة موظفي اللجنة الانتخابية، وبعد عملية البيومترية، فإنه يبحث عن أشخاص مقابل المال ليتم تلصيق صورهم على هذه البطاقات، واستخدامها في يوم التصويت.
ثالثًا: وقد أعلنت لجنة الانتخابات حديثا عن توظيف خمسة آلاف شخص لمراقبة العملية الانتخابية، وسيقوم هؤلاء الأشخاص بفحص العملية الانتخابية وجمع الشكاوى في يوم الانتخابات؛ لكن هناك مخاوف في هذا الصدد، حيث كيف يمكن أن نثق بمثل هؤلاء الموظفين المؤقتين في مثل هذه المسؤولية الكبيرة، وما هي الضمانات بألا يقوم هؤلاء المؤظفون بالاحتيال لصالح أفراد معينين؟
اختلافات الأحزاب السياسية
يعتبر رصد الأحزاب السياسية والمجتمع المدني من الأصول التي تهدف الحكومات الديموقراطية في شفافية الانتخابات. ولكن شفافية الانتخابات البرلمانية الحالية، ومراقبتها تعتبر من أكبر المخاوف التي جعلت المجتمع المدني والأحزاب السياسية أن تخالف الحكومة.
قررت الأحزاب السياسية في أفغانستان في الآونة الأخيرة مقاطعة لجنة الانتخابات بسبب عدم وجود آليات ومعدات كاملة في الانتخابات. تغيير النظام الانتخابي، والانتخابات البيومترية، والمراقبة الشاملة لعملية الانتخابات، كان من الأمور التي أوجدت المسافة بين الحكومة والأحزاب السياسية.
على الرغم من أن الحكومة الأفغانية قبلت في الآونة الأخيرة هذه المطالب للأحزاب السياسية وأعلنت عن استخدام التكنولوجيا الجديدة للانتخابات؛ إلا أنه من ناحية، مع الأخذ بعين الاعتبار جودة وشفافية الأجهزة البيومترية، فإن هناك شكوك حول هذه التقنية، ومن ناحية أخرى، وخامة الوضع الأمني للبلاد، والتهديدات الموجودة من قبل طالبان، هي ما يتحدد العملية الانتخابية.
ومن جانب آخر، مع وصول حكومة الوحدة الوطنية على الحكم، حاول الرئيس غني خلال السنوات الأربع الماضية، القضاء على القوى المحلية أو تضعيف الأشخاص الذين يترأسون هذه القوى. وقادة الأحزاب السياسية من هذه الفرق التي يرغب الرئيس غني تضعيفهم والحد من سلطانهم أو الإطاحة بهم عن الساحة السياسية، ولكن الأحزاب السياسية هي الأخرى حاولت دائما الضغط على الرئيس غني وخضوعه لقبول مطالبها. كما أن هناك تحليلات بأن بعض الأحزاب السياسية تحاول عرقلة الانتخابات، لأنه سوف يكون شرعية الحكومة مرة أخرى موضع شك وتمكن من رفع الأصوات لأجل حكومة مؤقتة.
هل ستجرى الانتخابات في موعدها؟
أكدت الحكومة الأفغانية واللجنة المستقلة للانتخابات على الدوام أن الانتخابات البرلمانية ستعقد بالتأكيد في كل المحافظات (33 محافظة) ماعدا محافظة غزني. لكن الوضع الأمني في البلاد، وتهديد البيان المنشور من قبل طالبان، وعدم الثقة في شفافية الانتخابات من قبل بعض الأحزاب السياسية،وعدم وصول الأجهزة البيومترية إلى الآن، وعدم معرفة استخدام هذه الاجهزة من قبل الناس وموظفي اللجنة الانتخابية ولا سيما المناطق النائية، كلها من الأمور التي تثير الشكوك حول شفافية الانتخابات وموعد إجرائها.
الأسباب المذكورة أعلاه وبعض الأسباب الأخرى هي ما جعل بعض المصادر القريبة من لجنة الانتخابات بأن تشير إلى إمكانية تأخير الانتخابات. ووفقاً لهذه المصادر، فإن الجانب الأجنبي في الانتخابات الحالية تحاور اللجنة لتأجيل الانتخابات لمدة 10 إلى 20 يومًا على الأقل.
فضلا عن التأخير في موعد الانتخابات الحالية، فإن الحكومة الأفغانية ليست لها السيطرة على كل المناطق في البلاد بسبب الحرب الدائرة ووخامة الوضع الأمني، ومن ناحية أخرى، بسبب وجود الفساد والاحتيال في عملية الانتخابات، وصلت عدم ثقة الناس في الانتخابات ذروتها، هذا ما أثارت تساؤلات عدة حول مشروعية الانتخابات.
في مثل هذا الوضع، وعلى الرغم من جميع المشكلات المذكورة، إذا تمكنت الحكومة الأفغانية من إجراء الانتخابات، ستكون الانتخابات غالبا في المدن الكبيرة، وربما لا يستطع الفائزون في الانتخابات إدعاء تمثيل أفغانستان بأكملها، لأن الانتخابات الشاملة تبدو من المحال في الوضع الحالي للبلاد.
من ناحية أخرى، هناك أيضا احتمال بأن يأتي قوم واحد من بعض المحافظات كما كان من محافظة غزني إلى البرلمان، وفي مثل هذا الوضع ربما لم تكن نتائج الانتخابات مقبولة لدى الجميع، ويتم إنشاء صراعات جديدة كما حصل في الانتخابات الرئاسية عام 2014م.
انتهى