ازدياد الحوادث المرورية وما يجب على الحكومة الأفغانية بهذا الشأن
بالإضافة إلى مقتل وجرح عشرات المواطنين يوميا في أفغانستان بفعل الحروب والحوادث المختلفة الأمنية والكوارث الطبيعية؛ فإن الحوادث المرورية أيضا من المشكلات التي تؤدي إلى مقتل وجرح الكثير من المواطنين.
تفيد المعلومات المقدمة من وزارت الصحة الأفغانية أن ٥۲٦٥۷ شخصا راجعوا المستشفيات بسب الحوادث المرورية عام ۲۰۱۸م، في حين وصل عدد الجرحى الذين نقلوا إلى المستشفيات بسبب التفجيرات والعمليات العسكرية في جميع أنحاء البلاد خلال هذا العام إلى ٤٥٥٥ شخصا.
تفيد هذه الإحصائية أن الجرحى خلال سنة ۲۰۱۸م بفعل الحوادث المرورية أكبر من ذلك بفعل التفجيرات والعمليات العسكرية باثنتي عشرة مرة.
ازدياد الحوادث المرورية، والعوامل المهمة للحوادث المرورية في أفغانستان، وماذا يجب على الحكومة والشعب فعله تجاه هذه الحوادث؟ موضوعات نتحدث عنها في هذا التحليل.
الحوادث المرورية
الحوادث المرورية وخسائرها الكبيرة في جميع أنحاء العالم من المشكلات المهمة التي تثير القلق بشأن السلامة العامة. طبقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية (WHO) فإن أكثر من ۲٥،۱ مليون شخصا يموتون سنويا وحوالي ۲۰ إلى ٥۰ مليون آخرين يصابون بجروح أو بالإعاقة بفعل الحوادث المرورية.
يتم الاحتفال كل سنة باليوم ۱۸ من نوفمبر بمناسبة ذكرى يوم ضحايا الحوادث المرورية. هذا اليوم سمي عام ۱۹۹۳م بيوم ضحايا الحوادث المرورية من قبل مؤسسة (طريق السلام – Road Peace) وأقرته منظمة الأمم المتحدة عام ۲۰۰٥م.
القصد من الاحتفال بهذا اليوم هو تشجيع الدول على تعليم الناس ضروريات السلامة وتحسين الشوارع والاهتمام بأمن وسائل النقل. مع أن دولة أفغانستان تعهدت وفقا لأهداف برنامج التنمية المستدامة لمنظمة الأمم المتحدة على خفض الحوادث المرورية في البلاد بحلول عام ۲۰۲۰م إلى النصف وتأمين شوارع البلاد إلى عام ۲۰۳۰م، إلا أن الحوادث المرورية تزداد كل سنة، ولم يُتَّخذ أي إجراءات عملية بشأن تجنب وقوع مثل هذه الحوادث حتى الآن.
طبقا لمعلومات منظمة الصحة العالمية فإن أفغانستان من الدول التي تكون نسبة الخسائر البشرية الناتجة عن الحوادث المرورية فيها مرتفعة. طبقا لمعلومات الإدارة المركزية للإحصاء في أفغانستان فإن إحصائيات الحوادث المرورية في هذا البلد في تصاعد مستمر کل سنة، وهذا هو السبب في تزايد ضحايا حوادث المرور تباعا. طبقا لمعلومات الإدارة العامة للمرور فإن في مدينة كابل العاصمة فقط منذ الأول من حمل ۱۳۹۷هـ ش إلى آخر شهر عقرب من العام نفسه كان هناك ٥٦۲ حادثة مرور، مات فيها ۲۲۱ شخصا وجرح ۳۷۲ شخصا آخرين.
الجدول رقم ۱: نسبة الحوادث المرورية في أفغانستان (۱۳۹٤ – ۱۳۹٦).
أسباب وقوع الحوادث المرورية
هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى وقوع حوادث مرورية خطيرة في أفغانستان، نذكر أهمها في مايلي:
۱- الشوارع والطرق غير معيارية: عدم كون الطرق والشوارع طبقا للمعايير العالمية هو السبب الأساسي للحوادث المرورية الكبيرة. إن أفغانستان بلد جبلي وطرقه صعبة وخطيرة، وأكثر طرق هذا البلد تمر عبر الجبال والوديان؛ إضافة إلى ذلك فإن هذه الشوارع غير مزفلتة وضيقة، ولاتوجد فيها إشارات المرور، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع حوادث مرورية. كما أن وجود الفساد المستشري في عقود بناء الطرق هو السبب الذي أدى إلى بناءها بشكل لاتنطبق عليها المعايير العالمية. عدم الأخذ بعين الاعتبار الوزن المجاز لواسائل النقل، وأيضا التفجيرات والحوادث الأمنية أدت إلى دمار الطرق في البلاد.
۲- قيادة السيارة بشكل غير مهني: السرعة الزائدة في قيادة سيارات نقل المسافرين في الطرق الطويلة مثل طريق كابل – هراة أو كابل – بدخشان، وأيضا عدم اهتمام المسؤولين في شبكة النقل، وعدم متابعة وسائل النقل من قبل مسؤولي المرور في الطرق، وعدم وجود قانون ينظم النقل؛ كل ذلك شجع سائقي سيارات نقل الركاب على مخالفة نظام المرور. غير مهنية السائقين، السرعة الزائدة في غير موضعها، والتنافس الغير الشريف بين شركات نقل الركاب من العوامل المهمة للحوادث المرورية في البلاد.
۳- إدمان بعض السائقين علی المخدرات: كثير من السائقين في الطرق الكبيرة مدمنون على المخدرات ويسوقون أثناء استخدامها. استخدام المخدرات من قبل سائقي سيارات نقل الركاب سيما لدفع النوم والتعب أثناء قيادة السيارة يؤدي إلى حوادث مرورية.
٤- عدم مراعاة قوانين المرور: مراعاة قوانين المرور مثل ربط حزام السلامة أثناء القيادة، أو لبس القلنسوة الخاصة بالقيادة أثناء قيادة الدراجة النارية يستطيع تجنيب وقوع بعض الحوادث المرورية. ولكن عدم مراعاة إجارءات السلامة هذه وعدم مراعات نظام المرور يؤدي إلى ازدياد الخسائر البشرية بسبب الحوادث المرورية في أفغانستان.
مسؤوليات الحكومة والشعب
يجب التعاون بين الحكومة والمواطنين لخفض الحوادث المرورية والتحكم فيها. التعاون بين الطرفين من شأنه تجنب كثير من حوادث الموت والجرح.
الحكومة الأفغانية من حيث أنها مسؤولة عن سلامة المواطنين البدنية والمالية يجب أن تتخذ إجراءاتها اللازمة لمنع وقوع الحوادث المؤدية إلى الموت والخسائر بين المواطنين، ويجب على الحكومة أن تأخذ بعين الاعتبار بعض الأمور المهمة لمنع الحوادث المرورية:
الأول: نصب وسائل المرور الضرورية مثل إشارات المرور، وآلات تحديد السرعة، وتحديد الوزن، المتابعة الصحيحة والدقيقة لشركات البناء التي تتعاقد مع الدولة بناء الشوارع؛ من الأمور التي يجب تنفيذها من قبل الدولة، لأن كل ذلك له دور في انخفاض الحوادث المرورية. الاهتمام بهذه الأمور لا يؤدي إلى انخفاض الحوادث المرورية فقط؛ وإنما يعود بالنفع علی سلامة الشوارع والاقتصاد في صرف عوائد الحكومة.
الثاني: المتابعة الصحيحة لتنفيذ قانون المرور يجعل رجل المرور لا يتساهل في عمله، كما يجعل السائقين والمسافرين يهتمون بتنفيذ المقررات المروریة مثل ربط حزام الأمان. يمكن في هذه الحال منع وتجنب حوادث المرور.
الثالث: الفساد المستشري في مؤسسات المرور أدى إلى حصول السائقين على رخصة القيادة بسهولة وبدون تعلم دورة القيادة وتجاوز اختبارات المرور. كما أن إغماض العیون عن جرائم المرور مقابل بضعة روبيات أفغانية يؤدي إلى نقض القانون من قبل السائقين. لذلك فإن منع الفساد في مؤسسات المرور أيضا ضرورة من شأنه انخفاض الحوادث المرورية.
بجانب الحكومة؛ يجب على الشعب أيضا أن يأخذوا بعض الأمور بعين الاعتبار من أجل سلامتهم وسلامة المواطنين الأخرین وضبط المجتمع. وتعود المسؤولية الكبيرة إلى أصحاب شركات نقل المسافرين وتجب عليهم متابعة سائقي السيارات، وكيفية وسائل النقل، وتسهيل الإمكانيات وتقديم الخدمات، كما يجب عليهم العمل طبقا لأنظمة المرور وقوانينه.
السائقون هم جسر التواصل بين الشركات والمسافرين، يجب أن يعوا أن القيادة ببطء لا يدل على الخوف أو قصر التجربة، وإنما يدل على اهتمامكم بأرواحكم أنفسكم وأرواح الآخرين. يجب أن يعرف السائقون أن عليهم مسؤولية المسافرين ومسؤولية وقوع الحوادث، وإن كيفية العلامات والقوانين المرورية تُوجه إليهم. لذلك يجب عليهم أن لايضحوا بأنفسهم وأرواح عشرات المواطنين مقابل جوائز التجار أو التلذذ بالسبق في سرعة القيادة.
كما يجب على المسافرين (والذين هم المساندون الأصليون لاقتصاد الشركات والسائقين، وهم المتضررون الأصليون من الحوادث المرورية) أن يعرفوا كيفية اختيار السيارة التي يسافرون بها وملاك اختيارها، لأن لا أحد من السائقين ينقلونهم مجانا. لذلك يجب عليهم أن لايسافروا بسيارات الشركات التي لاتوجد بها الضروريات الصحية.
انتهى