الثلوج والأمطار في أفغانستان أخيرا وخسائرها الفادحة
تساقطت ثلوج وهطلت أمطار غزيرة الأسبوع الماضي (۱۰ و۱۱ حوت ۱۳۹۷هـ ش) في ۱۷ محافظة في البلاد وتكونت نتيجة لها سيول كثيرة ما أدى إلى تدمير المئات من بيوت الأهالي إضافة إلى موت وإصابة عشرات آخرين من المواطنين، وكان أكثر الأهالي تضررا هم سكان المناطق الجنوبية الغربية في البلاد.
مع أن ازدياد تساقط الثلوج وهطول الأمطار في شتاء هذا العام أوجد آمالا لانتهاء الجدب والجفاف في أفغانستان؛ إلا أن آثارها والخسائر والأضرار التي ألحقت بحياة الشعب كانت كبيرة، واضطرت مئات الأسر إلى ترك مناطقهم نتيجة لها.
ينتقد الشعب الحكومة الأفغانية لقصورها في اتخاذ إجراءات لازمة لمساعدة المتضررين وحل مشكلاتهم، وعدم اتخاذ اجراءات وقائية لازمة لمنع الكوارث الطبيعية والتحكم فيها. لم تصل الأسر النازحة في بعض المحافظات بسبب السيول أي مساعدة إلى الآن حتى حاجاتهم الأولية.
هطول الأمطار وتساقط الثلوج في الأيام الأخيرة في البلاد، والخسائر والأضرار التي لحقت بالمواطنين نتيجة لهذه الأمطار والثلوج، والمشكلات التي يواجهها الشعب في هذا الوضع؛ هي الموضوعات التي نتحدث حولها في هذا التحليل.
حول تساقط الأمطار والثلوج أخيرا
هطلت هذا العام أمطار كثيرة في جميع مناطق البلاد، بينما كان مليونا شخص العام الماضي يواجهون مشكلة فقدان المواد الغذائية بسبب الجفاف في عشرين محافظة من محافظات أفغانستان، ولهذا السبب ترك ديارهم حوالي ۳٥۰ ألف من الأفغان.
قالت إدارة الأحوال الجوية في أفغانستان أن الأمطار والثلوج التي تساقطت هذا العام لم يسبق لها مثيل طيلة عقدين من الزمان. كثرة تساقط الثلوج وهطول الأمطار هذا العام هي بشارة خير لانتهاء الجفاف الذي كانت البلاد تعاني منها في السنوات الأخيرة.
وفقا لمعلومات وزارة الطاقة والمياه الأفغانية فإن نسبة الأمطار في العام الحالي ارتفعت 1،5 مرة بالنسبة للعام الماضي، وارتفعت بالنسبة لخمسة سنوات الماضية إلى إحدى وخمسين ۵۱٪. وزارة الطاقة والمياه تعتبر عام ۱۳۹۸هـ ش عاما جيدا نظرا لازدياد المياه فيه وقالت أن كثرة الأمطار والثلوج في البلاد سيكون لها تأثير إيجابي على مخازن مياه الزرع وتحسين البيئة في البلاد.
ارتفعت نسبة تساقط الثلوج بالنسبة للعام الماضي في المناطق الباردة من البلاد أيضا. وفقا للمسؤولين عن صيانة طرق «سالنج» فإن تساقط الثلوج في الأيام الاخيرة في طرق سالنج لم يسبق له مثال في عشرين عاما الماضية، وإن حجم ثلوج منطقة سالنج الشمالية والجنوبية وصلت إلى قرابة اثني عشر مترا.
الخسائر والأضرار التي ألحقتها الأمطار والثلوج بالمواطنين
كان تساقط الثلوج وهطول الأمطار كثيرة في شتاء هذا العام، مع أن ارتفاع نسبة الأمطار والثلوج تحمل معها بشائر بانتهاء الجفاف والجدب في البلاد؛ إلا أن السيول التي جاءت في الأيام الأخيرة في كثير من المحافظات سيما في المحافظات الجنوبية الغربية ألحقت بالشعب خسائر وأضرارا كثيرة وفادحة.
طبقا لإحصائيات وزارة الدولة في شؤون الكوارث الطبيعية فإن وقوع السيول وتساقط الثلوج في الأيام الأخيرة في سبع عشرة محافظة من محافظات البلاد أدى إلى موت أكثر من خمسين شخصا وإصابة مائة وأربعين آخرين. كما دمرت نتيجة لهذه الكوارث ۹۲٦ بيتا بشكل كامل وحوالي ۲۰۰۰ بيت بشكل جزئي.
وبين هذه المحافظات أصاب أكثر الخسائر سكان محافظة كندهار. طبقا للمسؤولين المحليين في هذه المحافظة فإن خمسة وعشرين شخصا لقوا حتفهم وأكثر من عشرين شخصا أصيبوا بفعل السيول يومي العاشر والحادي عشر من شهر حوت من العام الشمسي الحالي في مديريات أرغنداب، ودامان، وسبينبولدك، ومدينة كندهار (مركز المحافظة). وانهدمت مئات المنازل السكنية في هذه المحافظة، كما لحقت أضرار كبيرة بآلاف الهكتارات من الأراضي.
ومحافظات هلمند، وفراه، وهراة، ونيمروز أيضا من المحافظات التي مات وأصيب فيها عدد من المواطنين بسبب تساقط الثلوج وتكوين السيول، وانهدم مئات المنازل السكنية. كما لحقت بالشعب خسائر في الأرواح والممتلكات نتيجة للثلوج الأخيرة في محافظات لوجر، وغزني، وباكتيا، وبكتيكا، وتخار، وبغلان، ولغمان، وننجرهار، وباميان، ودايكندي، وخوست، ونورستان، وبنجشير.
طبقا لمعلومات المسؤولين عن حراسة ومتابعة مناطق سالنج حدثت هذا الشتاء أكثر من ۱۳۰ حركة تزحلق للثلوج وبكتل كبيرة، كما أغلقت أنفاق سالنج في هذا الشتاء سبع مرات بفعل تساقط الثلوج وسبب مشكلات كثيرة أمام حركة السير.
بالإضافة إلى إغلاق طريق سالنج نتيجة لتساقط الثلوج فإن طريق كابل – قندهار أيضا تم إغلاقه في محافظات وردج، وغزني، وزابل، ومرتفع حاجيگك وشيبر في محافظة باميان، ومرتفع ستوكندو في محافظة باكتيا، كما تم إغلاق الطرق في جميع المديريات أمام المرور في محافظات غزني، وغور، وباميان، ودايكندي إلى مراكز المحافظات.
في الأيام التي كانت طريق كابل – قندهار مسدودا توقفت مئات من سيارات نقل الركاب وسيارات نقل البضائع في الصحاري لمدة يومين، وعانى مئات من المسافرين مشكلة فقد الطعام وفي جو بارد للغاية. كما توفي ثلاثة أشخاص في محافظة غزني بسبب انسداد الطرق.
عدم وجود الإجراءات الوقائية
السيول وتزحلق الثلوج من الكوارث الطبيعية التي تحدث كل سنة في جميع أنحاء العالم وتسبب خسائر في الأرواح والممتلكات. مع صعوبة تفادي مثل هذه الحوادث؛ فإن هناك خطة عمل لمواجهة مثل هذه الحالات الاضطرارية والإجراءات الوقائية والتي تقلل من أضرار مثل هذه الحوادث الطبيعية وتهديداتها.
مع بداية هطول الأمطار الموسمية وحدوث الفيضانات وعدم وجود الإجراءات الوقائية؛ يتحمل الشعب خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات كل سنة. مع أن الحكومة الأفغانية تبذل جهودها لإنقاذ المواطنين وأموالهم عند وقوع السيول أو الحوادث الطبيعية؛ ولكن لم تشهد البلاد أعمالا أساسية ومؤثرة لمنع التداعيات السيئة للحوادث الطبيعية حتى الآن ليكون المواطنون على أهبة الاستعداد لمواجهة الكوارث الطبيعية قبل وقوعها.
وزارة الدولة في شئون مكافحة الكوارث الطبيعية قالت أن ألفي شخص الذين حبسوا في محافظتي قندهار وفراه فقط بسبب السيول الأخيرة تم إنقاذهم بواسطة قوات الأمن الأفغانية. طبقا لما قاله مسؤولو هذه الوزارة فإن وزارة الدولة في شؤون مكافحة الكوارث الطبيعية وبالتنسيق والدعم من الوزارات المختصة تقدم أثناء وقوع الكوارث الطبيعية الأخيرة ۳۳ مليون ومائة ألف أفغانيا وموادا غذائية لـ ۱۲٤۹۱ أسرة، والمواد الضرورية الأخرى لـ ۳۱۸۳ أسرة، وهذه الحاجيات تم نقلها إلى ۱۷ محافظة من محافظات البلاد.
عدم تأثير وزارة الدولة في شؤون مكافحة الكوارث الطبيعية هو أحد أهم العوامل المانعة من إيصال المساعدات إلى المتضررين. هذه الوزارة تعاني من وضع سيء جدا لما ليس لديها خطة واستراتيجية سنوية عملية، وحتى عند وقوع الكوارث الأخيرة لم يستطع مسؤولو الوزارة إيصال المساعدات الأولية إلى المواطنين في الأيام الأولى.
النتيجة
الفيضانات، والزلازل، وتزحلق الثلوج، وهزات أرضية، والجفاف… كلها حوادث يواجه مواطنونا عند حدوثها مشكلات كثيرة، وتكون الإدارات المسؤولة عن إيصال المساعدات بعد وقوع الكوارث بطيئة جدا، بخلاف الدول الأخرى التي تتخذ إجراءات وقائية لمنع الكوارث الطبيعية أو التخفيف من أضرارها.
في الوقت الذي تعاني أفغانستان من وضع سياسي وأمني صعب و وضع اقتصادي سيء؛ فإن الشعب الأفغاني يواجهون مشكلات اقتصادية كثيرة. وقوع السيول والكوارث الطبيعية في مثل هذه الحالة له آثار سلبية على الوضع الاقتصادي للشعب، وتكون الخسائر التي تسببها الكوارث الطبيعية ضربة قاصمة على اقتصاد المواطنين.
طبقا للدراسات التي أجريت حول التخفيف من أضرار الكوارث الطبيعية؛ فإن العمل في هذا الاتجاه يتم عبر أربعة مراحل: الأولى: ما ينبغي إجراؤه قبل وقوع الكارثة. الثانية: ما يجب إجراؤه عند وجود العوامل التي يتوقع أن تؤدي إلى وقوع الكارثة. الثالثة: عند وقوع الكارثة بالفعل. الرابعة: ما ينبغي فعله بعد وقوع الكارثة.
يجب على الحكومة الأفغانية أن تأخذ مرحلة قبل وقوع الحادثة بعين الاعتبار، وأن تتخذ إجراءات لازمة لمنع أو تخفيف أضرار مثل هذه الكوارث. كما تجب توعية المواطنين حول كيفية الإجراءات الوقائية للتخفيف من خسائر وأضرار مثل هذه الحوادث.
انتهى