مؤسسات التعليم العالي الأهلية في أفغانستان
أصدرت وزارة التعليم العالي في أفغانستان بعد نهاية اختبارات القبول في الجامعات في الأيام الأخيرة من السنة الشمسية ۱۳۹۷ قرارا بإيقاف العمل في قسم الطب العام في ۲٦ جامعة أهلية وقبول الطلاب فيها.
طبقا لوزارة التعليم العالي، فإن اللجنة المشتركة من هذه الوزارة و وزارة الصحة وبعد تقييم عمل قسم الطب العام في ٤٥ جامعة أهلية قدمت تقريرها إلى الحكومة، وطبقا لقرار الحكومة فإن ۲۰ جامعة من بين هذه الجامعات التي كانت ضعيفة جدا تم فيها إيقاف قبول الطلاب الجدد لهذا العام، وست مؤسسات أخرى تم إيقاف العمل فيها بالفعل.
بدأت عشرات الجامعات الأهلية بالفعالية بجانب الجامعات الحكومية منذ سنة ۲۰۰۱م وظهور النظام الجديد؛ لكن ضعف هذه الجامعات وتدني مستواها العلمي كان مثار قلق دائم. يتم البحث في هذا التحليل حول التعليم العالي ووضع المؤسسات الأهلية في أفغانستان.
التعليم العالي في أفغانستان
أنشأت مؤسسات التعليم العالي في كابل لأول مرة عام ۱۳۱۱هـ ش أيام نادرشاه، حيث تم إنشاء كلية العلوم الطبية في كابل. تم إنشاء جامعة كابل كأول جامعة في أفغانستان عام ۱۳۲٥هـ ش والتي بها الآن ۲۱ كلية و۹۲ قسما. ثم تم إنشاء وزارة التعليم العالي لتحسين وتنمية التعليم العالي في أفغانستان أيام حكم سردار داود خان عام ۱۳٥٥هـ ش. بعد ذلك تحسنت عملية التعليم في البلاد وازداد عدد الجامعات والكليات المختلفة عاما بعد عام في جميع أنحاء البلاد نظرا لرغبة الشعب الأفغاني وتصورهم.
مع أن التغيير في وضع التعليم العالي في البلاد كان ملفتا قبل عام ۱۳۸۰هـ ش وظهور النظام الجديد في البلاد؛ إلا أن وضع التعليم العالي تحسن بعد عام ۱۳۸۱هـ ش من ناحية الكم بشكل غير مسبوق، وبدأت العشرات من مؤسسات التعليم العالي الأهلية بالعمل بجانب الجامعات الحكومية.
طبقا لوزارة التعليم العالي فإن هناك ۳۸ مؤسسة حكومية و۱۳۱ مؤسسة أهلية للتعليم العالي تعمل في أفغانستان يتخرج فيها آلاف من الطلاب سنويا، لكن مستوى كيفية التعليم العالي بعد مضي ۱۸ عاما وصرف مليارات الدولارات يعتبر مشكلة حقيقية في مجال التعليم العالي في البلاد.
مؤسسات التعليم العالي الأهلية
كما أن المؤسسات الأهلية في القطاعات المختلفة تعتبر مرجعا مهما في تهيئة فرص عمل، وإيجاد التسهيلات، وضمان الكيفية في مختلف المجتمعات الإنسانية؛ كذلك في المجال التعليمي لها أهميتها في تنمية المجتمع وتقدمه، وفي العصر الحاضر هناك جامعات أهلية مثل هارفرد وبرينستون واستنفورد ولشكي وغيرها التي تُخَرِّجُ وتقدم شخصيات علمية كثيرة بهدف التنمية والتطور في المجتماعات الإنسانية.
مثل بقية دول العالم، فإن إيجاد وتنمية مؤسسات التعليم العالي الأهلية في أفغانستان يعد أحد الإنجازات المهمة التي تحققت في ۱۸ عاما الماضية. فإن أول مؤسسة تعليمية أهلية عالية بدأت بالعمل في أفغانستان بعد سقوط نظام طالبان هي جامعة كاردان في مدينة كابل، ثم أصبح التقدم في هذا القطاع سريعا وبدأت عشرات من الجامعات والمؤسسات الأهلية بالعمل في مختلف التخصصات.
مع أن إنشاء مؤسسات التعليم العالي الأهلية كان موردا مهما للاستثمار في أفغانستان؛ إلا أن تدني كيفيتها والاهتمام بالكمية يعتبر مشكلة كبيرة. ويتجه إلى الجامعات الأهلية في أكثر الأحيان أولئك الشباب الذين لا يتم قبولهم في الجامعات الحكومية أو لا ينجحون في التخصصات التي يرغبون في الدراسة فيها، وتعتبر هذه الجامعات عندهم آخر فرصة يمكن الاستفادة منها.
مشكلات مؤسسات التعليم العالي الأهلية
خلال ۱۸ عاما الماضية كان هناك تقدم ملحوظ في التعليم العالي من ناحية الكم؛ ولكن هناك مشكلات في هذه المؤسسات من ناحية الكيف؛ منها:
الأولى: عدم وجود خطة عمل واقعية لقبول الطلاب؛ هو إحدى أكبر المشكلات في مؤسسات التعليم العالي الأهلية في أفغانستان. هناك مؤسسات تتنافس فيما بينها في قبول الطلاب تنافسا غير سليم. هذه المؤسسات تتعمد نقض الأصول والمعايير التي يجب أخذها بعين الاعتبار، تتعمد نقضها من بداية اختبار دخول الجامعة وحتى تخرج الطالب، الأمر الذي يلعب دورا كبيرا في انخفاض درجة كيفية التعليم ومخرجاته.
الثانية: قلة الأساتذة المتخصصين في مؤسسات التعليم العالي الأهلية؛ هي الأخرى من المشكلات الموجودة في هذه المؤسسات. معظم هذه المؤسسات لا يستخدمون أساتذة مهرة القادرين على التدريس لارتفاع حقوقهم المالية، بل يستخدمون بدلا منهم أساتذة تنقصهم التجربة ومستواهم العلمي متدن جدا.
الثالثة: النقص في وسائل التعليم الضرورية، وعدم وجود الأماكن المناسبة للتدريس في مؤسسات التعليم العالي الأهلية أيضا من مشكلات هذه المؤسسات. معظم هذه المؤسسات لا توجد فيها مختبرات ولا مكتبات، بل وأكثرها تعمل في البيوت المهيئة للسكنى.
الرابعة: عدم وجود الرقابة على مؤسسات التعليم العالي الأهلية في أفغانستان أيضا أدت بماليكي هذه المؤسسات إلى عدم الاهتمام بكيفية مؤسساتهم. ويجب على وزارة التعليم العالي أن تكون جادة في الرقابة على مؤسسات التعليم العالي الأهلية وتقييمها لتحسين كيفيتها.
الخامسة: بعض من مؤسسات التعليم العالي الأهلية لديها نظرة تجارية بحتة. المسؤولية المهمة التي على عاتق الطالب في مثل هذه المؤسسات التعليمية الأهلية هي دفع الرسوم فقط ، بينما يجب تقييم الطلاب؛ ويجب الضغط عليهم حتى يشاركو في الدروس أثناء الدراسة، كما تجب عليهم مذاكرة الدروس، والنجاح في الاختبارات حتى يكونوا على مستوى من الجاهزية ليقدموا شيئا لأهلهم ومجتمعهم عند تخرجهم.
هذه المشكلات وعشرات الأخرى في مؤسسات التعليم العالي الأهلية في أفغانستان أدت بالطلاب إلى فقدان الاستعداد لديهم ليكونوا عناصر نافعة ومؤثرة في المجتمع.
النتيجة
إن وجود الجامعات الأهلية أمر ضروري نظرا لطلب المجتمع الأفغاني الواسع للتعليم العالي وضعف الاستعداد في الجامعات الحكومية، ولكن بالنظر إلى تدني كيفية التعليم في بعض هذه المؤسسات نستطيع القول أن وجود مثلها في المجتمع يعتبر بعينه مشكلة.
وزارة التعليم العالي كونها مؤسسة مسؤولة عن قطاع التعليم العالي يجب أن تعمل على رفع كيفية مؤسسات التعليم العالي الأهلية آخذة بعين الاعتبار الخطط والاستراتيجيات المؤثرة للتحكم في هذا الوضع وأن تخطو خطوات عملية في هذا الاتجاه.
وأخيرا؛ الخطوة الأخيرة لوزارة التعليم العالي فيما يتعلق بتقييم قسم الطب في ٤٥ مؤسسة للتعليم العالي الأهلية تعتبر خطوة مؤثرة جدا لتحسين وضع التعليم العالي؛ لكن متابعة وإبعاد هذه العملية عن ظاهرة الفساد الإداري يحتاج إلى إرادة جادة وعمل دؤوب.
إن أكثر الجامعات الأهلية لديها نظرة تجارية فقط، ولم تعمل شيئا لتحسين كيفية التدريس حتى الآن. لكي تستطيع وزارة التعليم العالي القيام بواجبها في سبيل تحسين وضع مثل هذه المؤسسات التعليمية؛ يجب أن تقوم بمتابعة طريقة قبول الطلاب والأساتذة، والمواد التعليمية، وكيفية العمل بالمنهج التعليمي و وسائل التعليم الضرورية في مؤسسات التعليم العالي الأهلية بشكل منظم وجاد.
انتهى