الأمن الغذائي في أفغانستان

من الضروريات الأساسية التي يحتاج إليها كل إنسان منذ ولادته وحتى وفاته الحصول على الغذاء الكافي والصحي، كما أن نموه واكتسابه للقوة والنشاط يرتبطان ارتباطا وثيقا بالغذاء.

لهذا، تضمن البيان العالمي لحقوق الإنسان في مادته رقم 25 تأكيدا على حق كل إنسان في الحصول على التغذية الصحية، مع توفر قدرته المادية وإمكان الوصول إلى أماكن التموين. إلا أن أفغانستان – مع الأسف – من الدول التي ليست على المستوى المطلوب في هذا الجانب.

سنلقي نظرة في هذا المقال على وضع التغذية والأطعمة في أفغانستان، مع عرض موجز لبعض الإحصائيات والحقائق، كما سنسلط الضوء على التحديات التي تواجه الأمن الغذائي في أفغانستان والحلول الكفيلة بالقضاء على التحديات.

إحصائيات و حقائق

تفيد العديد من الدراسات والاستقصاءات أن نسبة الفقر قد زادت في حكومة الوحدة الوطنية حيث تبلغ نسبة الفقر حاليا 54% من إجمالي السكان، بمعنى أن نحو 54 شخصا من بين كل مئة شخص يجنون أقل من دولار واحد في اليوم. وكما أشرنا فإن الأمن الغذائي في البلد قد ضعُف مع قدوم حكومة الوحدة الوطنية، ويعجز 45% من السكان على توفير احتياجاتهم الغذائية.

وفق الإحصائية الوطنية المنشورة عام 2013م، هناك نسبة 40.9% من الأطفال في سن ( 0 – 59 ) شهرا مُصابون بقِصر النمو وسوء التغذية، وهو داء لا يُعالج. إذا لم يبلغ طول الطفل 80 سم عند بلوغه عامين فإنه يُعد مصابا بسوء التغذية، ولا يمكن علاجه ومن ثم سينشأ قصيرا، وتحدث هذه الحالة عندما لا تُرضع الأم طفلها منذ الولادة حتى بلوغه عامين بالقدر الكافي، حيث من الضروري أن تُرضع كل أم طفلها لمدة ستة أشهر، ثم تُضاف بعض المُغذيات الأخرى التي يحتاج إليها.

كما يُفيد الاستقصاء المذكور أن نسبة 9.5% من الأطفال مُصابون بضعف نمو العضلات والذي سببه عدم الحصول على الغذاء الكافي، كما تم تسجيل نسبة 25% من الأطفال على أن أوزانهم أقل من الوزن الطبيعي. تم تقييم البنات من سن (10 – 19 ) عاما للمرة الأولى، وتُظهر النتائج نسبة 8% منهن مُصابات بالنحافة، ونسبة 11.6% لديهن وزن زائد، كما أن 2.7% فقط مُصابات بالسمنة. وبالنسبة للنساء في السن الصالحة للحمل (15 – 49 عاما ) فهناك نسبة 9.2% مصابات بالنحافة أو سوء التغذية.

تفيد الإحصائية الغذائية الوطنية لعام 2013م قلة في نسبة المواد الأساسية المُغذية في أفغانستان مقارنة بالدول الأخرى مما يُعد تحديا هاما. فقر الدم (قلة الهيموجلوبين أكثر من معدل 11.99 غرام في كل ديسي لتر) موجود لدى النساء في سن الحمل بنسبة 40.4% وسببه نقص الحديد، ويسبب مشاكل عديدة مثل التعب والإرهاق، كما أن نسبة 45% من الأطفال مُصابون بفقر الدم، ولذا تشتكي الكثير من الأسر بأن أطفالهم فاقدون للشهية.

الأمن الغذائي كأولوية أساسية

الأمن الغذائي حالة تتوفر عندما يستطيع جميع السكان في البلد الحصول على الغذاء الصحي والكافي والنظيف في كل الأنحاء وفي كل المواسم مع القدرة المادية على الشراء والقدرة على استخدامه للحصول على الطاقة الضرورية. للأمن الغذائي أربعة أعمدةٍ، وهي:

1: ينبغي تيسر الحصول على الغذاء لكل مواطن في كل المواسم. إذا اندلعت الحرب في منطقة أو سُدت الطرق أو عُدمت السوق فإن الأمن الغذائي ينعدم كذلك.

2: إذا لم تكن هناك موانع مثل الحرب أو انسداد الطرق إلا أن المواد الغذائية الضرورية لم تتوفر في السوق أو أن السوق لم تكن موجودة أصلا فإن الأمن الغذائي يُعد مختلا كذلك.

3: إذا انعدمت موانع الوصول إلى السوق وتوفرت المواد الغذائية المختلفة في السوق إلا أن الحالة المادية لأفراد الشعب لا تسمح لهم بالحصول على التموين الضروري فالأمن الغذائي يُعد مختلا كذلك.

4: إذا توفرت جميع الأسباب المذكورة وكان لدى السكان قدرةٌ شرائية إلا أن المواد الغذائية غير مُعقمة أو أن السكان مفتقدون لأنظمة وخدمات صحية وليس عندهم الوعي الأساسي بالتغذية الصحية فإن الأمن الغذائي يُعد مُختلا كذلك.

التحديات التي تواجه الأمن الغذائي

  1. الفقر وضيق ذات اليد.
  2. انعدام الوعي الشعبي، وعدم وجود برامج عملية كفيلة بالمحافظة على استقرار الأمن الغذائي.
  3. عدم تخصيص قدر كافي من ميزانية الدولة للأمن الغذائي.
  4. قلة الإنتاج الزراعي والإنتاج غير الفني للمحاصيل.
  5. عدم وضع قضية الأمن الغذائي على رأس الأولويات.
  6. عدم الاهتمام بالبنية التحتية لقطاع التغذية والتموين.
  7. الاستفادة غير الفنية من الموارد الطبيعية.
  8. ضعف البرامج الوقائية المتعلقة بسوء التغذية، وعدم تخصيص قدر كافٍ من الميزانية لذلك.

الحلول

أ: التنمية الزراعية وإحداث التسهيلات لأصحاب المصانع وتجار المحاصيل الزراعية مع تمهيد السبل لرفع مستوى الإنتاج الوطني حتى يرتفع مستوى الدخل لدى السكان ويكون بمقدورهم الحصول على المواد الغذائية الأساسية.

ب: إحداث برامج وخطط وآليات تنموية طويلة المدى لقطاع الزراعة وتطبيقها واستحداث الطرق الحديثة للزراعة ( باستخدام الآلات والماكينات )، وتوفير أماكن خاصة للرعي لتطوير قطاع المواشي والذي يعقبه تحسن جودة المحاصيل الحيوانية.

ج: مساعدة الفلاحين على إيصال محاصيلهم للسوق في الوقت المناسب مع تطوير الحكومة للطرق المعبدة الموصلة بين الأراضي الزراعية والمراكز التجارية.

د: تطبيق برامج توعوية من قِبل وزارة المعارف لرفع الوعي لدى المتعلمين الذكور والإناث على حد سواء، وتقديم برامج تثقيفية متعلقة بالأمن الغذائي من قِبل مدرسي المدارس والجامعات لنشر الوعي بين الناشئة والشباب.

هـ : كما يجب تخصيص قدر من الميزانية لبرامج الوقاية من سوء التغذية لدى الأطفال، بحيث يكون لدى الشعب الوعي الكافي حيال التغذية الضرورية للأطفال، مع إرشادهم للأغذية المتوفرة في البلد والتي تُغني عن استيراد أدوية غالية لعلاج سوء التغذية، حيث يُستعاض عنها بالمواد الغذائية المحلية والبقوليات والنشويات للوقاية من حالات سوء التغذية، مع استشارة الأخصائيين في مجال التغذية.

و: ينبغي إيجاد إدارة لمراقبة جودة المواد الغذائية وضمان كونها صحية حتى تثق جميع فئات الشعب بسلامة المواد الغذائية ومطابقتها للمعايير الصحية.

ز: على العلماء والخطباء أن يُبينوا أهمية التغذية من منظور الإسلام، مع مكافحة بعض المعلومات الخاطئة المنتشرة. عليهم أن ينشروا الوعي بضرورة الاهتمام بتغذية الأطفال في الأيام الألْف الأولى من حياتهم حتى ينشؤوا أصحاء وأقوياء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *