المؤتمر التجاري الأخير بلندن وتحديات الاستثمار في أفغانستان
تم عقد ثاني مؤتمر تجاري بين أفغانستان وبريطانيا يوم الاثنين 13/أكتوبر بلندن من قِبل سفارة جمهورية أفغانستان الإسلامية في بريطانيا، بالتعاون مع رئاسة الغرف التجارية الأفغانية – البريطانية.
شارك في المؤتمر رؤساء الشركات التجارية الأفغانية الكبرى، والمستثمرون البريطانيون والأوروبيون والأمريكيون والمستثمرون الأفغان المقيمون في بريطانيا. كما شارك كذلك مسؤولون بالحكومة الأفغانية منهم وزير الاقتصاد ووزير المعادن ووزير التجارة ووزير الزراعة ووزير الطاقة، وقد حثّوا المستثمرين الأوروبيين على الاستثمار في أفغانستان.
سنسلط الضور في هذا التحليل على أهداف مؤتمر لندن الاقتصادي، وخلفية علاقات البلدين ومدى كون أفغانستان بلدا مناسبا للاستثمار.
العلاقات بين أفغانستان وبريطانيا بعد تأسيس حكومة الوحدة الوطنية
تُعد بريطانيا أحد أهم الدول الداعمة لتنمية أفغانستان. في شهر ديسمبر/2014م استضافت لندن مؤتمر الدول الداعمة لأفغانستان. قدمت الحكومة الأفغانية برنامجها التنموي المسمى بـ ( نحو الاكتفاء الذاتي) أمام أعضاء الأمم المتحدة، كما أكد المشاركون في المؤتمر بالاستمرار في دعمهم لأفغانستان وفق ما أعلنوه سابقا في مؤتمر طوكيو المنعقد عام 2012م.
وعدت بريطانيا في هذه المؤتمر أن تنفذ ما أعلنت عنه في مؤتمر طوكيو من تقديم دعم سنوي لأفغانستان قدره 270 مليون دولار حتى عام 2020م. كما أن بريطانيا قد دعمت الحكومة الأفغانية في عدة قطاعات منها: وزارة الاقتصاد ووزارة المالية وإدارة المتاحف والمحافظة على الآثار القديمة وتعزيز الاستثمارات الصغيرة ومكافحة المخدرات.
أهداف مؤتمر لندن
الهدف من مؤتمر لندن الأخير هو التسويق والاستثمار وتنمية العلاقات التجارية بين أفغانستان وبريطانيا. كما تضمنت أجندة المؤتمر موضوع تسهيل بيع مُنتجات أفغانستان في أسواق بريطانيا، وترغيب المستثمرين البريطانيين في الاستثمار في قطاع المعادن والزراعة وإنتاج الطاقة بأفغانستان، وكذلك تقديم المعلومات حيال الخطوات التي خطتها الحكومة الأفغانية لأجل تحسين الأوضاع الاقتصادية واستقطاب المستثمرين الأجانب.
كما كان من أهداف المؤتمر التعريف بالفرص التجارية والاستثمارية في أفغانستان ومنها الاستثمار في مجال السجاد الأفغاني والأحجار الكريمة والمجوهرات. صرح سفير أفغانستان في بريطانيا سيد طيب جواد بأن الاختلاف بين هذا المؤتمر والمؤتمر السابق هو تركيز هذا المؤتمر على النواحي الجديدة مثل قضية التعاملات البنكية والتأمين والمؤسسات المالية.قال بعض المشاركين في المؤتمر من المستثمرين الأجانب الذين يستثمرون في أفغانستان: “انخفاض قيمة العملة الأفغانية مقابل العملات الخارجية، وانخفاض الدخل السنوي، وتقلص الميزانية التنموية في مجال البنية التحتية وتزايد عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر في السنوات الأخيرة عوامل أثقلت كاهل الوضع الاقتصادي بأفغانستان”. أما الجانب الأفغاني فقد عدّد ازدياد دخل الحكومة، وتوسعة خطوط النقل الإقليمية، وتقدم مشاريع نقل الطاقة، وزيادة المحاصيل الزراعية وتحسن الجو التجاري العام في البلد كإنجازات لحكومة الوحدة الوطنية بأفغانستان.
هل مازالت أفغانستان بلدا مناسبا للاستثمار؟
المستثمرون الداخليون صاروا محتاطين جداً في هذه الآونة. حتى إن المسؤولين في الحكومة يؤكدون أن أصحاب الأموال يُخرجون أموالهم كل يومٍ من أفغانستان، وكل ذلك ناتج عن الوضع السياسي والأمني الراهن في البلد. تحاول الحكومة الأفغانية في هذه الفترة أن تجبر هذا النقص الحاصل بتقديم التسهيلات للمستثمرين الأجانب حتى يستثمروا في أفغانستان.
ولذا تم عقد مؤتمر استقطاب المستثمرين في لندن من قبل رئاسة غرف التجارة العالمية الأفغانية بالتعاون مع رئاسة غرف التجارة العالمية البريطانية وسفارة أفغانستان في لندن. صرح المسؤولون أن أكثر من 30 شركة أوروبية و 50 شركة دولية شاركت في المؤتمر. المشاركون كانوا من بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
وفق التقارير الرسمية، زادت بريطانيا في دعمها للتنمية في أفغانستان. تُنفذ الشركات الأوروبية عدة مشاريع في أفغانستان وتشمل الشراكة الإستراتيجية بين أفغانستان والدول الأوروبية ميادين التجارة وتنمية الاقتصاد والزراعة والمعادن ومجال التدريب وبناء القدرات البشرية.
صرح مصطفى مستور وزير الاقتصاد الأفغاني بأن الحكومة الأفغانية عازمة في ظل تعرض الاقتصاد الأفغاني للتدهور أن توفر الحماية الأمنية للمستثمرين الأجانب.
بإمكان المستثمرين الأجانب أن يستثمروا في أفغانستان في خمس قطاعات. من القطاعات المهمة للاستثمار الأجنبي قطاع المعادن بأفغانستان. قدّرت لجنة مشتركة مكونة من متخصصين بوزارة الدفاع الأمريكية والإدارة الجيولوجية الأمريكية أن قيمة ذخائر معادن النحاس والحديد والنيوبيوم والليثيم والذهب في أفغانستان تزيد على ألف مليار دولار. مع أنه تمت بعض الاستثمارات في مجال المعادن بأفغانستان إلا أنها لم تكن على مستوى النجاح المطلوب.
معدل التنمية الاقتصادية بأفغانستان
معدل التنمية الاقتصادية بأفغانستان من عام 2001 وحتى عام 2012م بلغ 9% في المتوسط. وطيلة هذه المدة كان أكبر معدل في عام 2009م، حيث بلغ نسبة 21%. إلا أن المعدل لم يكن على مستوى مرغوب في الفترة بين عام 2009م وعام 2018م. بلغ المعدل في عام 2010م نسبة 8.4%، وبلغ في عام 2011م نسبة 6.1%، وبلغ عام 2012م نسبة 14.4%، وبلغ عام 2013م نسبة 1.9%، وبلغ عام 2014م نسبة 2%، وبلغ عام 2015م نسبة 1.5%، وبلغ عام 2016م نسبة 2.2%، وبلغ عام 2017م نسبة 2.7%، وبلغ عام 2018م نسبة 2.2%.
سبب ارتفاع معدل التنمية الاقتصادية عام 2009م دون بقية الأعوام هو الوضع السياسي والأمني المستقر نسبيا.
المصدر: البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي.
كما أن موقع الاقتصادية بعد عام 2009م لم تكن على مستوى مرغوب باستثناء عام 2012م (معدل التنمية الاقتصادية 14.4%)، وسبب هذا الارتفاع في المعدل هو ازدياد إنتاج المحاصيل الزراعية، إلا أن هذا الإنتاج قل في السنوات التالية.
النتائج
مع أن دور بريطانيا العسكري قد انتهى في أفغانستان بعد عام 2014م واستمرت بريطانيا في دعمها للبلد وبردت علاقاتها بأفغانستان مقارنة بالسابق، إلا أن المؤتمر الثاني التجاري يدل على تحسن العلاقات التجارية بين أفغانستان والدول المتقدمة. تسعى أفغانستان للحفاظ على علاقات وطيدة تربطها بالدول الداعمة وتلفت أنظار العالم للتحرك نحو مساعدتها.
لبريطانيا تجارب عديدة في مجال الزراعة والرعي واستخراج المعادن وتستطيع أن تُفيد أفغانستان في هذه المجالات. المسؤولون الأفغان بحثوا كذلك في ملف إدارة الموارد المائية بأفغانستان مع الجهات البريطانية المتخصصة، وبما أن أفغانستان غنية بالموارد المائية فإن الدعم البريطاني والدعم الأوروبي بشكل عام يُعد مهما. بالإضافة إلى الاستثمار في مجال الموارد المائية؛ ترغب أوروبا بالاستثمار في مجال المعادن بأفغانستان كذلك. إذا أقدمت الدول الأوروبية على استخراج المعادن بأفغانسان وفق العقود النزيهة والعادلة، ستخطو أفغانستان خطوات مهمة نحو التقدم الاقتصادي والاكتفاء الذاتي.