يوم الطفل العالمي؛ وآلام الأطفال الأفغان
يوافق يوم 20/نوفمبر اليوم العالمي للطفل، وفي مثل هذا اليوم قبل ستين سنة صوّب مجلس أعضاء الأمم المتحدة وثيقة الطفل العالمية، وعقبه بثلاثين عاما صوّب المجلس ميثاق حقوق الطفل، وقد وقعت الحكومة الأفغانية على هذا الميثاق عام 1994م. الأطفال الأفغان يفتقدون بشكل عام للأمان والراحة الروحية والبدنية، رغم وجود جهود تبذلها الجهات العاملة في مجال حقوق الإنسان. يرى الأخصائيون النفسيون أن الأطفال الأفغان في الفترة الراهنة معرضون للأذى النفسي دائما، كما أن هناك عوامل عديدة تؤثر على نفسياتهم سلبيا مثل التحرش الجنسي والتمييز العنصري وقلة التسهيلات والحرب.
وقد أعلن صندوق دعم الأطفال بالأمم المتحدة (مكتب اليونيسف) أن أربعة ملايين طفل في أفغانستان يحتاجون إلى الدعم، ويوجد بينهم 800 ألف طفل بحاجة إلى دعم فوري. وفق تصريح مكتب اليونيسف، يواجه هؤلاء الأطفال مخاطر كبيرة بسبب التحديات الاقتصادية والجفاف في أفغانستان.
الحرب الراهنة والاضطراب السياسي في البلد أثرا على حالة الأطفال الأفغان، وقد زاد معاناتهم بؤسا حرمانهم من التعليم والتربية، ووقوعهم تحت المخاطر الاجتماعية وأنواع العنف، وتعرضهم لمخاطر الحرب. سنتناول حال الأطفال الأفغان في هذه المقالة فكونوا معنا.
موقع أفغانستان في التقرير السنوي لدعم الأطفال
يفيد تقرير دعم الأطفال الصادر من مكتب الأمم المتحدة أن أفغانستان مازالت ضمن مجموعة 18 دولة التي لا تصلح لتنشئة الأطفال. يرى مكتب دعم الأطفال التابع للأمم المتحدة في أفغانستان أن ترتيب أفغانستان في قائمة هذا الجدول هو الأول بحسب بعض المؤشرات مثل حرمان الطفل من حقوقه. كما صرح المكتب المذكور في تقريره أن الوضع الراهن قد ازداد سوءا بالنسبة للأطفال في أفغانستان، بعد مُضي تغييرات عديدة خلال مدة 18 سنة التي مضت. مع أنه قد تخلل هذه السنوات محاولات لتحسين أوضاع الأطفال إلا أنها لم تكن كافية. يفيد التقرير أن أكثر من 7% من الأطفال يموتون قبل بلوغ سن الخامسة، كما يُعاني 40% منهم من عدم النمو الصحي، وقد حُرم أكثر من 4 ملايين طفل من الدراسة في المدارس، كما أن ثلثهم مشغولون بالعمل. قال المسؤولون بمكتب دعم الأطفال التابع للأمم المتحدة: ( يتوجب على العالم في هذا الوقت أن يدعم أفغانستان أكثر من أي وقتٍ مضى، حتى لا يصبح الجيل الناشئ جيلا منسيا. يجب أن تكون مرحلة الطفولة مرحلة مرحة وسعيدة، إلا أنها ليست كذلك لملايين الأطفال، حيث إنهم يُضحون بمرحلة طفولتهم بسبب العنف والفقر ). وضمن إشارة المكتب إلى تدهور أوضاع الأطفال في البلد فإن المسؤولين فيه يُطالبون المجتمع الدولي بتقديم الإغاثات الإنسانية التي تعتني بحال الأطفال. يفيد التقرير أن هيئة الأمم المتحدة طالبت بتقديم دعم لأطفال أفغانستان عام 2019م بمبلغ قدره 500 مليون دولار، وقد تم تأمين نحو 40% من المبلغ المذكور فقط. كما ذكر ا لتقرير أن الأطفال في أفغانستان فقدوا حقوقهم المتعلقة بالتعليم والصحة في فترة حكومة الوحدة الوطنية. يذكر التقرير أن الاشتباكات المسلحة تُعد أحد أكبر التحديات في هذا الصدد، كما أن المناطق المهمة في البلد تزدادُ تدهورا يوما بعد يوم.
أسباب تعرض الأطفال للخطر في أفغانستان
هناك أسباب عديدة سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية تُسبب تعرض الأطفال الأفغان للخطر، نُشير هنا إلى أهمها: العنف خطر يُهدد معظم أطفال البلد. هذا الخطر ليس موجودا فقط في البيوت وإنما ينتشر في المجتمع كذلك، ولا يقتصر على العنف الجسدي فقط وإنما هناك أنواع من العنف النفسي أيضا. يرى الخبراء أن الفقر والأمية هما السبب الرئيس للعنف تجاه الأطفال، وقد تسبب هذان العاملان في خلق مخاطر منزلية عديدة للأطفال.
الحرمان من التعلم والتربية
التحدي الآخر الذي يواجهه الأطفال في أفغانستان هو حرمانهم من التعلم والتربية، وهذا الحق أمر ضروري لتطور المتجتمع وتنميته ويحتاج إلى اهتمام كبير من الحكومات. يتوجب على الحكومة الأفغانية بناء على المواثيق الدولية أن تُهيئ المناخ لتعليم الأطفال وتربيتهم. قد كان شعار تحسين حالة التعليم في البلد بارزا ضمن شعارات الحكومة طيلة مدة 18 سنة التي مضت، وقد كان ضمن أجندات المجتمع الدولي كذلك، إلا أن هذه المدة الطويلة وإنفاق مليارات الدولارات – مع وجود تطورات ملحوظة في التعليم – لم تقضِ على التحديات التي تُهدد الأطفال من ناحية التعليم وتحرمهم من الدراسة في المدارس. وفق إحصائيات وزارة التعليم بأفغانستان، حُرم أربعة ملايين طفل من الدراسة في المدارس. تقرير اليونيسف المُعد بمساعدة وزارة التعليم الأفغانية في الربع الثاني من عام 1398هـ شـ يفيد أن نسبة 47% من أطفال أفغانستان (4 ملايين طفل) قد حُرموا من الذهاب إلى المدرسة. وقد أشار التقرير إلى العوامل التي أدت إلى حرمانهم مثل فقدان الإمكانيات والتسهيلات، والنزوح، والزواج المبكر. بشكل عام يُعد الحرمان من التعلم أحد المخاطر التي تُهدد وتقلق الأطفال الأفغان، حيث حُرم عدد كبير من الأطفال من حق التعلم بسبب الحرب والنزوح وفقدان العائل والفقر.
المخاطر الأمنية: يواجه الأطفال مخاطر عديدة في أفغانستان، منها: الإدمان، والاختطاف، وحوادث الحرب والكوارث الطبيعية. صرح مسؤولو مكتب دعم الأمم المتحدة لإعادة إنشاء أفغانستان (UNAMA) أن عدد 2461 طفلا قُتلوا أو جُرحوا في أفغانستان خلال العام الميلادي الحالي. قالت السيدة شوسن رئيسة لجنة كشف الألغام في أفغانستان أن نحو 20 طفلا يُجرحون أو يُقتلون بسبب الألغام كل شهر. من المخاطر الأخرى التي تُهدد حياة الأطفال تجنيدهم في طرفي القتال بأفغانستان، واستغلالهم جنسيا. المكاتب الحقوقية قد أبدت مخاوفها في هذا الصدد بشكل مكرر وذكروا في تقاريرهم أن الأطفال يُجندون عند طرفي القتال (لدى معارضي الحكومة ولدى الشرطة المحلية). منذ الفترة التي تلت تأسيس الحكومة الجديدة عام 2001م، نشطت مكاتب داخلية وأجنبية عديدة في مجال حقوق الأطفال، وتم إنفاق ملايين الدولارات في هذا الصدد، إلا أن الأطفال مازالوا بعدة أشكال يقعون ضحية للحرب في أفغانستان.
المخاطر الاجتماعية: مثل التحرش، والهروب من المنزل، وإدمان المخدرات وغيرها.
التحديات الاقتصادية: كثرة عدد الأطفال بجانب الفقر يتسببان في عدم تمكن الوالدين من الاعتناء بحقوق أطفالهم بما في ذلك نفقات التعليم. وقد تسبب هذا في حرمانهم من الذهاب إلى المدارس، ومن ثم ينشغلون بالأعمال الشاقة عند بلوغهم سن الخامسة أو السادسة.
مقترحات
وفق ما ذُكر في هذا المقال، ينبغي الاهتمام بتحسين حال الأطفال والعناية بما يلي:
- تعديل قوانين أفغانستان حيال الجرائم المرتكبة في حق الأطفال والتحرش بهم جنسيا.
- تنفيذ ما ورد في ميقاق حقوق الطفل، وبقية المواثيق الدولية، من قبل الحكومة الأفغانية.
- زيادة الوعي حيال حقوق الأطفال وتوعية الوالدين في كل بقاع البلد، عبر الإعلام والبرامج وورشات العامل والتدريب.
- تعيين عقوبات لمنتهكي حقوق الأطفال، وتعقبهم وتنفيذ العدالة فيهم.
- تأسيس مراكز خاصة لدعم الأطفال الذين تُنتهك حقوقهم، أو يفقدون العائل.
- علاج الأطفال المدمنين ومنع انتشار الإدمان بين الأطفال.
- إيجاد فرص عمل لتخليص الأطفال من الأعمال الشاقة في الشوارع والمصانع وأفران الطوب.
- تطوير التسهيلات المتعلقة بتعليم الأطفال المحرومين، ودور الحضانة ورعاية الأطفال، والأماكن الترويحية الخاصة بالأطفال.
- خلق بيئة آمنة في المجتمع للأطفال، لحمايتهم من العنصرية والممارسات المخالفة لكرامة الطفل الإنسانية.