فيروس كورونا وتأثيراته على الصين ودول العالم

في أواخر سبتمبر من العام الميلادي المنصرم أُصيب عدد من سكان مدينة ووهان الواقعة في وسط ولاية خوبي الصينية بفيروس كورونا. وقد وضع ذلك الصين وعددا من الدول في حالة ذُعر شديد. يا تُرى ما نوع هذا الفيروس، وكيف ينتشر؟ وما هي تأثيراته الملحوظة حتى الآن؟ وهل وُجد علاج له أم لا؟ وإلى أي مدى يُخمن انتشاره في أفغانستان؟ وما هي سُبل الحدّ من انتشاره؟ سنسعى للإجابة على هذه الأسئلة في هذا المقال.

منطقة ووهان بالصين

ووهان مدينة تقع بمقاطعة خوبي في الوسط الشرقي بالصين. ويصل عدد سكان المدينة إلى نحو 11 مليون نسمة. يستهلك معظم سكان هذه المدينة المأكولات البحرية. وتوجد أسواق واسعة لبيع المأكولات البحرية ولحوم الحيوانات. ولذا فإن سكان هذه المدينة يتّجرون بلحوم الحيوانات البحرية والبرية بكثرة.

کیف وُجدت فيروس كورونا

وُجدت الجذور الأصلية لهذا الفيروس في الحيوانات قبل عدة عقود، إلا أنها وُجدت في ديسمبر الماضي في البشر أيضا. يرى الخُبراء أن هذا الفيروس مُعدي وينتقل من شخصٍ لآخر. فيروس “السارس” الذي انتشر عامي 2002 و 2003 في الصين ودول أخرى أوْدى بحياة نحو 800 شخص.[1] يرى الخبراء أن فيروس كورونا قد يكون متولدا من فيروس السارس، وذلك لأن المصابين بهذا الفيروس في الأيام الثلاث الأولى من انتشاره تعدّى 6200 شخص. ويُتوقع أن يتوسع انتشار الفيروس في الأيام العشرة المقبلة كما من المحتمل أن يُسبب الوفاة للكثيرين. مرض الكورونا شبيه بالزكام، ويشعر المصاب به بالصداع والحمى ويزداد الرشح عنده. إلا أن الفرق بينه وبين الزكام الاعتيادي أن الزكام العادي في موسمه ينتقل من الشخص إلى الآخرين بمعدل 1.5 شخص، إلا أن فيروس كورونا يفوق هذه النسبة وقد يصل إلى معدل 3.5 شخص، ويسبب فقر الدم وينتقل بسرعة إلى الآخرين.[2]

أصيب حتى الآن في الصين نحو 11791 شخص بالفيروس المذكور. يوجد معظم هؤلاء الأفراد في مدينة ووهان الصينية، وقد تسبب هذا الداء في وفاة 295 شخص حتى الآن.[3] أكثر من نصف حالات الوفاة وقعت في مدينة ووهان، التي انتشر منها الفيروس.[4] إلا أن بعض الخبراء في ولاية هونغ كونغ يرون أن نحو 44 ألف شخص من سكان ووهان مُصابون بفيروس كورونا.[5][6]

تم تسجيل حالات الإصابة بفيروس كورونا في الصين و 17 دولة أخرى. من هذه الدول: اليابان وألمانيا وفرنسا وكندا وتايلند والإمارات وبعض الدول الأخرى. المُصابون بالفيروس في اليابان وألمانيا أشخاص لم يسافروا إلى الصين، إلا أنهم بقوا بمقربة أشخاص ترددوا بين الصين والدول المذكورة الأخرى. كذلك تم تسجيل حالات الإصابة بفيروس كورونا – بالإضافة إلى مدينة ووهان – في هونغ كونغ، وبكين، وبعض المناطق الأخرى في الصين.

الوقاية من فيروس كورونا

ذكر الدكتور الخبير بالأوبئة السارية مايكل غاردام الموظف بمستشفى همبر بولاية تورنتو الكندية: مازلنا بعيدين عن الوصول إلى خبرة تمكّننا من معرفة كيفية انتشار الفيروس وكيفية علاجه. لم يتم إنتاج دواء للفيروس المذكور كما لم يُصنع تطعيم خاص به حتى الآن. إلا أن المعنيين بالرعاية الصحية يعتقدون أن هناك طرقا وقائية منها غسل اليدين بالصابون، واستعمال الكمامات، واجتناب الاحتكاك بالمصابين بهذا الداء. بالإضافة إلى ما ذُكر، يرى العديد من الخبراء الصحيين أن سكان مدينة ووهان يستطيعون استهلاك المأكولات البحرية والاقتراب من الحيوانات البرية، إلا أن عليهم اجتناب استهلاك اللحوم النيئة ولحوم الحيوانات وذلك لأن الفيروس انتشر من لحوم الحيوانات. الأربعاء الماضي صرح بعض العلماء في أستراليا بأنهم قدروا على فحص عيّنة من فيروس كورونا، وهذا العمل كفيل بمنع انتشار المرض إلى حد كبير.[7]

 وقد خصصت الصين مبلغ 27.3 مليار ين لمكافحة فيروس كورونا.[8]

تأثيرات فيروس كورونا

بعد انتشار فيروس كورونا تم الحجر على سكان مدينة ووهان ومُنعوا من السفر إلى خارج المدينة، كما مُنع من هم خارج المدينة من دخولها. وقد تعرقلت حركة التجارة في الصين كلها تقريبا، كما اعترضت عوائق كثيرة الاحتفال بالعام الجديد في الصين. التجار الذين أعدوا تجارتهم لموسم رأس العام خسروا الكثير، وذلك لأن أحدا لم يجرؤ على السفر إلى الصين، خوفا من الإصابة بفيروس كورونا، كما اجتنب السكان المشاركة في احتفاليات رأس السنة. البضاعة الوحيدة التي راجت في هذه الفترة هي الكمامات التي سعى الجميع لشراء أكبر عدد منها، لأجل الوقاية من الفيروس. بالإضافة إلى الإضرار بالحالة الاقتصادية الصينية فقد أضر الوباء الجديد باقتصاد عدد من الدول الأخرى. وفق إدارة السياحة التابعة للأمم المتحدة فقد سافر 168 مليون صيني عام 2018م خارج الصين لأجل السياحة، وأنفقوا نحو 277 مليار دولار، مما كان له تأثيرات إيجابية على الدخل الوطني في الدول التي سافر إليها السيّاح.[9]

إلا أن الخوف من انتشار الفيروس الجديد تسبب في وضع أشد القيود على السفر إلى الصين أو الخروج من الصين إلى الدول الأخرى. يرى خبراء الاقتصاد أن استمرار الحجر على الصين ومنع سكانها من السفر لمدة ستة أشهر سيضر بالسياحة الدولية بمعدل 83.1 مليار دولار، مما سيخفض معدل الاقتصاد الدولي بنسبة 0.1%. يُنذر الخبراء في أميركا واليابان بأن الوباء الجديد له تأثيرات سلبية على الاقتصاد، وقد أثر على تصديرات اليابان وأرباح الشركات الحكومية.[10]

أفغانستان صدّرت في الآونة الأخيرة الكثير من تصديراتها إلى الصين، كما أنها كانت تستورد عددا من البضائع من الصين إلى أفغانستان، إلا أن انتشار فيروس كورونا الحالي عرّض اقتصاد البلد لصعوبات كثيرة. كما علّقت روسيا علائقها التجارية مع الصين، مما سيكون له تأثيرات كبيرة عل السوق العالمية. في الهند كذلك تم تسجيل أول حالة كورونا. وفي حال عدم اتخاذ منظمة الصحة العالمية قرارا عمليا حيال دول جنوب آسيا فليس من المستبعد وقوع مشاكل وصعوبات عديدة في هذه الدول. وذلك لأن من بين دول جنوب آسيا دولا ليس لديها القدرة الاقتصادية الكافية للوقاية من مرض كورورنا ومكافحته.[11]

النتائج

 ستُفتتح يوم السبت القادم عدة آلافٍ من المستشفيات في الصين وقد قُدّرت المدة لإكمال العمل عليها بعشرةَ أيام، مما سيساعد على الحفاظ على الأرواح ومكافحة وباء الكورونا.[12] إلا أن من الضروري أن تقوم الدول المتطورة بما قامت به أستراليا وأن تسعى لاستحداث تطعيمات مضادة لوباء الكورونا. وعلى الحكومة الأفغانية أن تستدعي الطلبة والتجار الأفغان المقيمين بالصين، حتى يتم تحصينهم ودعمهم دعما شاملا في حال إصابة أحدهم بهذا الداء. وينبغي كذلك منع جميع المواطنين من السفر إلى الصين لأجل العلاج ونحوه. من جانب آخر ينبغي فحص جميع المسافرين القادمين إلى أفغانستان من الدول التي سُجلت فيها حالات الإصابة بوباء الكورونا مثل الإمارات العربية المتحدة، حتى يتم الحجر الصحي على كل من رُؤيت فيه علامات الإصابة ويُمنع انتشار الوباء في أفغانستان بذلك.

=====================================================================================

تحمیل

[1] http://www.usatoday.com/story/news/health/2020/01/27/coronavirus-death-toll-china-wuhan-virus-outbreak-spreads/4586403002/

[2] https://www.youtube.com/watch?v=dx0bXPTYxpY

[3] http://www.radio.gov.pk/01-02-2020/china-death-toll-due-to-coronavirus-rises-to-259

[4]https://edition.cnn.com/asia/live-news/coronavirus-outbreak-01-30-20-intl-hnk/h_68f5027c1b3ad4c27f70d022074687f6?utm_source=twCNNi&utm_content=2020-01-30T06%3A54%3A04&utm_medium=social&utm_term=link

[5] https://foreignpolicy.com/category/china-brief/

[7] https://twitter.com/NBCNews/status/1222490354596884480

[8] twitter.com/globaltimesnews/status/1222821805964111873

[9] https://www.wsj.com/articles/from-bangkok-to-the-boulevards-of-paris-absence-of-chinese-tourists-hits-hard-11580295915?mod=e2tw

[10] https://www.nytimes.com/2020/01/30/business/global-markets.html?smid=tw-nytimes&smtyp=cur

[11] https://www.ft.com/content/403e6677-842e-3e92-9f7b-fa2a5f760ae0

[12] https://www.youtube.com/watch?v=2rUyz8MXorU

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *