نظام التقاعد; التحديات وسبل العلاج

منذ سنوات عديدة يقوم المسؤولون في الحكومة الأفغانية بتقديم الوعود في مجال مساعدة المتقاعدين عن العمل. من ذلك على سبيل المثال: إضفاء الشفافية على نظام التقاعد، وتسريع إجراء أعمال التقاعد، ومنع الفساد الإداري وغير ذلك، ومع كل هذا نرى أن المتقاعدين عن العمل وذويهم يواجهون عددا من الصعوبات. من جانبٍ آخر أصدر رئيس الجمهورية مرسوما بتنفيذ قانون التقاعد للمتقاعدين عن العمل من الإدارات غير الحكومية[1].  يا تُرى هل توجد مشاكل حقيقية في نظام التقاعد؟ وإلى أي حد تصح دعاوي المعترضين من المتقاعدين وذويهم حيال أنظمة التقاعد؟ وإلى أين وصلت قضية تنفيذ قوانين التقاعد المتعلقة بالإدارات غير الحكومية؟ أسئلة نسعى للإجابة عنها في هذا التحليل.

نظام التقاعد في أفغانستان

وفق قانون العمل الأفغاني، كل موظف عمل في الحكومة وبلغ عمره 65 سنة أو خدم لمدة 40 سنة فإنه مؤهل للتقاعد. بالإضافة إلى ذلك فإن الإصابة بالمرض، والوفاة والإعاقة تخول المتقاعد أو ورثته للاستفادة من امتيازات التقاعد. وإذا أراد شخص أن يتقاعد برغبته فيجب أن يكون قد أكمل 55 سنة من عمره وخدم في الوظيفة مدة 25 سنة.[2]

تُقتطع نسبة مئوية من راتب كل موظف في قطاع الخدمات المدنية بشكل شهري، ويتم إرسال هذه المبالغ من الإدارات إلى خزانة التقاعد. عندما يحين موعد استلام حقوق المتقاعد فإن حقوقه تُسلم له، وفي حال عدم وجوده تُسلم حقوقه أولا لزوجته أو للزوج، ثم لابنته التي لم تتزوج، ثم لابنه الذي لم يبلغ عمره 18 عاما أو أنه مازال مشغولا بالدراسة الجامعية أو كان مصابا بإعاقة دائمة أو مرض مزمن أو عضو الأسرة الذي يجري الخدمة العسكرية. تم تسمية العاشر من شهر دلو من قِبل الحكومة باليوم الوطني للمتقاعدين.

مشاكل نظام التقاعد

في السابق لم يُعين صندوق خاص في خزانة التقاعد للمحافظة على حقوق المتقاعدين، في حين أن الكثير من مصاريف البلد كانت قائمة على الدعم الخارجي، وكان من الصعب على الحكومة أن تتولى القيام بدفع حقوق المتقاعدين من الميزانية الوطنية. إلا أنه يُقال أن صندوقا قد أُعد لحقوق المتقاعدين وكان من المفترض أن يتم هذا قبل سنوات، وذلك لأن عدم وجود صندوق حقوق المتقاعدين عرّض عملية استلام المتقاعدين لحقوقهم لكثير من العراقيل، وتم دفع حقوق المتقاعدين من الميزانية الوطنية، ومازال المنوال جاريا على ذلك. في حين أن عدد المتقاعدين وإحصائياتهم لدى الحكومة صارت مثيرة للاستفهام، ولم تقدر الحكومة على وضع مقدار معين من الميزانية الوطنية لتسديد حقوق المتقاعدين.

وقد أدى ذلك إلى بروز مشاكل. منها أن رئيس الجمهورية بموجب المرسوم الرئاسي رقم 354 وجّه بتشكيل لجنة تضم مندوبي رئاسة الأمن الوطني، وإدارة الإصلاحات الإدارية، ووزارة المالية والقصر الرئاسي، ليتم تقييم عمل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والشهداء والمعاقين حيال خزانة التقاعد من عام 2013م إلى عام 2017م. وبالنظر في تقرير اللجنة المذكورة لوحظت اختلافات كبيرة في المبالغ.[3]

على سبيل المثال، يظهر التقرير أن عدد المتقاعدين المسجلين عام 2013 بلغ (74127) شخص، وبلغ عددهم في العام الذي يليه أي سنة 2014م عدد (69695) شخص، مما يدل على تسجيل متقاعدين وهميين، أو ضعف في نظام تسجيل المتقاعدين.[4] بناء على هذا أعلنت إدارة الخزانة العامة للتقاعد في أوقات مختلفة عن تسجيل بصمات المتقاعدين بشكل كامل، وقد أُنجزت أعمال حيال هذا الصدد. وقد قُدم دعم لرئاسة التقاعد الحكومية من قبل بعض الجهاد الداعمة الدولية، وخصوصا البنك الدولي الذي قدم مبلغ 12.3 مليون[5]، بناء على هذا أعلنت إدارة الخزانة العامة للتقاعد في أوقات مختلفة عن تسجيل بصمات المتقاعدين بشكل كامل، وقد أُنجزت أعمال حيال هذا الصدد. وقد قُدم دعم لرئاسة التقاعد الحكومية من قبل بعض الجهاد الداعمة الدولية، وخصوصا البنك الدولي الذي قدم مبلغ 12.3 مليون. إلا أنه لم يُر تقدم ملموس يوازي مقدار الدعم الذي تم تقديمه لهذا القطاع. ذكرت الإدارة الأمريكية المسؤولة عن مراقبة إعادة تأهيل أفغانستان (CIGAR) في تقريرها المنشور في نوفمبر/2019م أن نسبة 85% من المتقاعدين فقط تم تسجيل بصماتهم الإلكترونية، في حين أن عملية تسجيل البصمات بدأت عام 2017م.[6]

من جانبٍ آخر، يُقال أن نحو 36 ألف شخص من المتقاعدين المسجلين في خزانة التقاعد لم يحضروا لعملية تسجيل البصمات عام 2018م. من الضروري أن تُشكل لجنة لتعيين هويات هؤلاء الأشخاص ويتم التحقيق في سبب عدم استعدادهم لتسجيل بصماتهم. وإذا وُجد أنهم متقاعدون وهميون فينبغي أخذ مبالغ التقاعد منهم ومنحها لمستحقيها الذين حُرموا من حقوقهم لسنوات وكرروا مراجعة الدوائر الحكومية وانتظروا مدة طويلة[7].

ما ينبغي عملة لتطبيق نظام التقاعد

لتنفيذ نظام التقاعد ينبغي أن لا تبقى الوعود المقدمة للمتقاعدين حبرا على ورق، بل يجب أن تُنفذ في الواقع. النسبة المئوية التي تُقتطع من رواتب الموظفين وتُرسل لخزانة التقاعد الحكومية ينبغي أن تُراقَب ويُتأكد من إعادة تسديدها لمستحقيها. وذلك لأن خزانة التقاعد تقول دائما للمتقاعدين بأن المبالغ أُرسلت إلى الحسابات البنكية إلا أن البنك لم يحول المبالغ للإدارة المعنية بشؤون التقاعد.

حاليا توجد تعاقدات حيال أسهم المتقاعدين بين وزارة المالية والبنك الإسلامي وبنك ميوند فقط، ولأجل تسهيل العملية ينبغي توقيع تفاهمات مع البنوك الأخرى التي لديها أفرع في معظم مناطق البلد. كما ينبغي توظيف الموظفين المهرة والمتقنين لاستخدام الآلات التكنولوجية في خزانة التقاعد، لأجل تسريع عمل المراجعين. كما أن إنهاء عمل القائمين بعمل الوزارة قد يفيد في تسهيل إجراءات التقاعد، وذلك لأن القائم بالأعمال لا يملك الصلاحية في كثير من القرارات.

يتم إرسال مبالغ المتقاعدين إلى حساباتهم المالية عبر بنك أفغانستان، إلا أن البنوك الخاصة لا تسدد حقوق المتقاعدين في الوقت المناسب. ويصرح المسؤولون في بنك أفغانستان – والذي هو معني بمراقبة عمل البنوك – بأن مراقبة الحسابات المالية من شؤون وزارة المالية وذلك لأن البنوك الخاصة وقعت تفاهماتها مع الوزارة. التنسيق بين الوزارات والإدارات المعنية بشؤون المتقاعدين قد يفيد كذلك في تسهيل إجراءات حقوق المتقاعدين.

وفق مرسوم رئيس الجمهورية فإن إدارة الإحصاء الوطنية هي الإدارة الوحيدة المخولة بمسح بصمات جميع العاملين في القطاع العام والخاص. لذا ينبغي على هذه الإدارة أن تعلن الموعد الأخير لمسح بصمات جميع الموظفين وتُكمل عملها في أسرع فرصة. وذلك لأن هذه الخطوة كفيلة بتحديد عدد المتقاعدين مما سيغلق الطريق أمام الفساد وأخذ حقوق المتقاعدين عبر تسجيل متقاعدين وهميين. خزانة التقاعد ترغب في أن ترسل سهم المتقاعدين المُخصص من ميزانية عام 2020 إلى صندوق التقاعد، لذا ينبغي أن تُراقب العملية بوضوح كامل وأن يُسد الطريق أمام أي محاولة للفساد.

من جانب آخر ترغب خزانة التقاعد في أن تُنشى نظاما للتقاعد في عام 2020 للعاملين في القطاعين العام  والخاص. مع أن الإدارة المذكورة قدمت تصريحاتها حيال أنظمة التقاعد قبل عدة سنوات [8]، وكان من المفترض أن يبدأ العمل إلى إنشاء النظام منذ ذلك الوقت. وذلك لأن عدم وجود نظام للمتقاعدين من العاملين في القطاع الخاص قد يخلق الكثير من المشاكل. بما أن مبالغ التقاعد تُرسل بشكل رسمي من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى وزارة المالية، لذا ينبغي على وزارة المالية أن تُنشئ نظاما للقطاع الخاص كذلك وفي هذا مصلحتان، الأولى هي عدم توقع عجلة العمل والتطور في القطاع الخاص، والثانية هي أن لا تنزل حقوق العاملين والموظفين عن المستوى المقبول.[9]

في حين أن إدارة التقاعد تقول إن عدد المتقاعدين في البلد يبلغ نحو 154 ألف متقاعد مُسجل، فإن الحكومة عازمة على تسجيل بصمات جميع المتقاعدين في كل ثلاثة أعوام.[10] وقد عُد وجود بطاقة الهوية الإلكترونية أمرا ضروريا بجانب تسجيل البصمات للمتقاعدين، إلا أن عملية توزيع الهوية الإلكترونية تبدو متوقفة بسبب قلة الإمكانيات اللازمة. من الضروري أن تُخصص بعض أيام الأسبوع للمتقاعدين ليراجعوا الإدارات المعنية بمنحهم بطاقات الهوية الإلكترونية، أو تُنشأ لهم مكاتب خاصة ليُراجعوها ويحصلوا على بطاقات الهوية. أما المتقاعدين الذين يعيشون في الولايات البعيدة والتي لم تبدأ فيها عملية توزيع بطاقة الهوية الإلكترونية فإن عليهم القدوم إلى العاصمة للحصول على بطاقة الهوية الإلكترونية. على الحكومة أن تبذل جهودها لتسهيل إجراءات هؤلاء المتقاعدين حتى يحصلوا على حقوقهم في أوقاتها المحددة.

=====================================================================================

منابع

[1] https://www.kakaradvocates.com/regulation-on-pension-enacted/

[2] https://molsa.gov.af/dr/%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%B1%D9%87-%D9%87%D8%A7

[3] https://tolonews.com/fa/nightly-news/%DA%AF%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%B4-%D8%B4%D8%B4-%D9%88-%D9%86%DB%8C%D9%85-%D8%A8%D8%B1%D8%B1%D8%B3%DB%8C-%D9%81%D8%B9%D8%A7%D9%84%DB%8C%D8%AA%E2%80%8C%D9%87%D8%A7%DB%8C-%D8%B1%DB%8C%D8%A7%D8%B3%D8%AA-%D8%AE%D8%B2%DB%8C%D9%86%D9%87-%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF

[4] پورتنی لینک

[5] https://unama.unmissions.org/world-bank-125m-additional-financing-set-improve-afghanistan%E2%80%99s-public-pension-schemes

[6] https://www.worldbank.org/en/news/feature/2018/12/23/effective-automated-pension-administration-system-eases-payment-for-afghan-pensioners

[7]https://www.refworld.org/docid/5a2a565c4.html%20[accessed%203%20February%202020]?__cf_chl_jschl_tk__=9a426365409316de1b57c34d1daad37a40aa2c62-1580818099-0-AW1_uu-WSZSRcMh-mlmQYPxlLpI9aTB6dDXdaQoU-vvnKKLxON5IbHasLOub1lhQc63KNDuJI_3IXDNFKj72ARuiNzkiyrY4rECmvxzAfwpz4vjaneVpZ4hCbonldw36H5uPOJOaYyMCAgCPIofbTPDhishsLXFuaWUIvyzGGDAX_3OGrT40WbuB1qqtEMycFkrX8VJMBUv7sk1Nol-w13xrNUUKVC_PV-MV4bfdOI1rQClwMHfleo491CdgMjXsE7C8falxLgXWqLCGnWce9rpyAIxZMVyck24NTDcRpHnYlmc56flTIuwgEZIjzIG8hvb_AyinG5uVROpC0Sta12c

[8] http://www.gmic.gov.af/dari/press-releases2/3798-2019-03-06-12-55-57

[9] http://www.gmic.gov.af/dari/press-releases2/3972-2020-01-30-11-35-26

[10] http://www.gmic.gov.af/dari/press-releases2/3972-2020-01-30-11-35-26

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *