اجتماع رابطة دول “السارك” للحد من انتشار وباء كوفيد 19
فيروس كورونا الذي انتشر من ولاية ووهان الصينية صار تحديا كبيرا يواجه العالم أجمع. ومنذ أن حصد أرواح الكثيرين في إيطاليا خلق الوباء الجديد مخاوف عديدة على مستوى العالم. في يوم 15/مارس/2020م عقدت دول رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي SAARC بما فيها أفغانستان اجتماعا عبر محادثة فيديو للحديث حول حماية المواطنين من الوباء وتبادل التعاون والتوصيات حيال هذا الصدد. يا تُرى ما هي الخطوات التي اتخذتها دول العالم للوقاية من هذا الوباء؟ وما هو مدى الدعم المُخصص للدول الفقيرة مثل أفغانستان لمواجهة هذا المرض؟ وهل ستخطو دول رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي الخطوات العملية اللازمة بعد تقديمها للتوصيات ؟ أسئلة نسعى للإجابة عليها في هذا التحليل.
المعلومات الحديثة حيال فيروس كورونا
في المرحلة الأولى تسبب فيروس كورونا في وفاة ثلاثة آلاف مواطن في الصين. وقد تضررت الحالة الاقتصادية في الصين والدول التي لديها تبادل تجاري مع الصين جراء هذا الحدث. وبعد الصين صارت دولة إيطاليا في أوروبا وإيران وكوريا الجنوبية في آسيا هي البُؤر الجديدة لانتشار الفيروس. الإحصائيات الحديثة تدل على وقوع عدد كبير من الضحايا في دولة إيطاليا حيث توفي بها أكثر من 6820 شخص كما أُصيب بالفيروس أكثر من 70 ألف شخص.
أما دولة إيران التي كانت تواجه تحديات اقتصادية كما أنها واقعة في مقاطعة اقتصادية من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية فقد خسرت الكثير بسبب انتشار الفيروس، حيث توفي الكثيرون وأصيب بالوباء الآلاف. كما أن الوباء يسري إلى الدول الأخرى بسرعة فائقة، ومن المشاهد انتشار الوباء في الدول المجاورة لإيران.
المساعي الدولية
منذ بداية انتشار الوباء في الصين، اتخذت دولة الصين خطوات سريعة وواسعة لمكافحته في سبيل المحافظة على أرواح المواطنين. والإحصائيات تدل على أن عدد الإصابات تقلصت يوما بيوم في الصين مما يدل على أن الصين استطاعت التغلب على الوباء إلى حد كبير.
كما استطاعت دولة اليابان أن تكتشف بنية وتركيبة الفيروس في معاملها، مما يُساعدها على الحد من انتشاره ومكافحته. كما نشطت الولايات المتحدة الأمريكية في صنع لقاح واقٍ من وباء كوفيد 19.
علاوة على ذلك، أغلقت العديد من الدول حدودها البرية والجوية، وقد أغلقت أولا الحدود البرية بين أفغانستان وباكستان وتبعتها بعد ذلك الحدود الجوية. كما حظرت دولة روسيا أي سفر منها أو إليها، وكذلك الدول الأوروبية والعربية قامت بحظر السفر إلى مدة غير معلومة.
وقدمت شركة علي بابا الرائدة في المبيعات الإلكترونية مساعدات إنسانية للكثير من الدول لمكافحة فيروس كورونا، ومن ذلك دعمها لأفغانستان ولبعض الدول الآسيوية والأخرى بالكمامات والحقائب الطبية. ومن الضروري أن يتولى القيام بالمساعدات التجار الأفغان كما على الفئات الثرية أن تساند الفئات الفقيرة من الشعب.
وقامت الصين كذلك بدعم عدد من الدول منها إيطاليا بتقديم الأجهزة الطبية والكمامات ووعدت بمشاركة تجربتها في مكافحة الفيروس مع الدول الأخرى، كما أعلنت روسيا عن دعمها لإيطاليا في مكافحتها للفيروس ، وهذه المسانادات لها تأثيرها ودورها في مكافحة وباء كوفيد 19 على مستوى العالم.
اجتماع رابطة دول جنوب آسيا حيال التصدي لوباء كوفيد 19
في اجتماع عُقد عبر محادثة فيديو أعلنت رابطة دول جنوب آسيا – ودولة أفغانستان إحدى أعضاء الرابطة – عن إستراتيجية مشتركة لمكافحة فيروس كورونا. عُقد الاجتماع بمبادرة من رئيس الهند نريندرا مودي وشارك في الاجتماع الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني ورؤساء الدول الأعضاء بالرابطة. ذكر الرئيس محمد أشرف غني في الاجتماع أن إخراج الاجئين الأفغان من إيران وإدخالهم إلى أرض أفغانستان بشكل غير منظم خلق تحديا كبيرا لأفغانستان وسيساعد على انتشار الوباء وتمدده.
كما أضاف الرئيس غني أن إغلاق الحدود سيساعد في مكافحة الوباء، إلا أن حركة تصدير واستيراد الأدوية ينبغي أن تُستثنى من الحظر.
يُشكل سكان دول الرابطة نحو 21% من سكان العالم ، ويبدو الخطر الذي يواجهها من انتشار الوباء خطرا كبيرا، ولذا عُقد الاجتماع بين رؤساء دول الرابطة لتبادل الآراء والحلول المقترحة. تستطيع دولة الهند التي حظيت بتقدم ملحوظ في مجال المعامل والفحوصات العلمية أن تساعد الدول الأخرى في المنظمة بالتجارب والمقترحات التي يمكن من خلالها مكافحة فيروس كورونا. ولا يقتصر واجب دول الرابطة على تبادل التجارب والمقترحات للحفاظ على أرواح المواطنين فحسب وإنما ينبغي تطبيق مقترح رئيس الهند (مودي) المقتضي تأسيس صندوق حالة الطوارئ. أعلنت الهند عن تخصيص دعم للصندوق بقدر عشر ملايين دولار كما أعلنت أفغانستان والمالديف دعما قدره 1.2 مليون دولار. إلا أن هذا المقدار بالنظر في حالة الوباء الحاصل يُعد مبلغا زهيدا. قامت دولة إنجلترا في أوروبا بتخصص 40 مليار دولار كما خصصت الولايات المتحدة الأمريكية 50 مليار دولار لمكافحة وباء كوفيد 19.
بالإضافة إلى تخصيص المبالغ لمكافحة الوباء، على دول الرابطة أن تُعمل ضغطا على إيران لتجتنب إخراج اللاجئين الأفغان في هذه الفترة الحساسة. وهناك تقارير تفيد أن اللاجئين الأفغان يُحرمون من الخدمات الصحية بشكل مُتعمد. على إدارة اللاجئين الدولية أن أن تتخذ الخطوات اللازمة حيال هذا الأمر ليتم معاملة اللاجئين الأفغان وفق المواثيق الضامنة لحقوق الإنسان، لا أن يُطردوا إلى أفغانستان قسرا ودون برنامج تهجير منظم، وذلك لأن هذا التهجير سيؤدي إلى انتشار الوباء في أفغانستان والدول الأخرى.
على دولة أفغانستان أن تستقطب الدعم من دولة الصين والدول الداعمة الأخرى قبل أن تُعلن حالة الطوارئ في البلد بسبب انتشار الوباء. كما يتوجب على الساسة والمسؤولين الأفغان أن يتركوا نزاعاتهم وخلافاتهم جانبا وأن يُركزوا على القضاء على الوباء الآخذ في الانتشار، وإن لم تُبذل الجهود والاهتمامات في هذا الجانب بشكل مبكر فليس من المُستبعد أن تواجه أفغانستان مصير إيطاليا.
على شعوب دول المنطقة وخصوصا الشعب الأفغاني أن يعملوا بتوجيهات الإدارات العاملة في القطاع الصحي وأن يهتموا بها. على دول رابطة جنوب آسيا أن تتبادل التجارب في فترة الطوارئ الحالية وذلك لأن إغفال هذا الوباء سينتشر بكثرة بين الفئات الفقيرة التي تعيش في دول جنوب آسيا. بالإضافة إلى ذك، على الدول الأعضاء أن توسع من نطاق مساعداتها الإنسانية. وفق تقرير منظمة الصحة العالمية فإن لدى أفغانستان نقصا بمقدار 3.5 مليون دولار في مجال مكافحة وباء كوفيد 19. كما أن أفغانستان تفتقد للمواد التي تحمي الطواقم الطبية من فيروس كورونا. على دول رابطة جنوب آسيا أن تستقطب الدعم من منظمة الصحة العالمية وبقية المنظمات العاملة في المجال الصحي على مستوى العالم.
كما يتوجب على كل من جانب طالبان والحكومة الأفغانية أن يُعلنا وقف إطلاق للنار، وذلك لأن الاختلال الأمني يُسبب عرقلة للخدمات الصحية. وبإمكان دول رابطة جنوب آسيا أن تتحرك عاجلا للمطالبة بوقف إطلاق النار بين الحكومة الأفغانية وطالبان.