النظام التعليمي بأفغانستان؛ تحديات وحلول – الجزء الثالث
مقترحات لتطوير النظام التعليمي بأفغانستان
بعد التعرف على التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها النظام التعليمي بأفغانستان في مقالين مستقلين؛ سنقدم في هذه الحلقة مقترحات وحلول تهدف إلى تطوير النظام التعليمي بأفغانستان، بأمل أن ينتفع بها صُناع القرار والمعنيون بقطاع التعليم في البلد:
1- مواءمة النظام التعليمي للمعايير المعتمدة عالميا:
ينبغي أن تتم مواءمة النظام التعليمي في أفغانستان بالمعايير العالمية حتى تلحق أفغانستان خلال العقدين القادمين بركب التطور البشري، ويقدم النظام التعليمي لأبناء البلد القيم الإسلامية والوطنية والمحبة والإنسانية وقيم السلام والتعايش والاهتمام بالمبادئ الإنسانية المشتركة.
بالإضافة إلى ما ذُكر من أهمية التعليم، ينبغي أن يُبذل الاهتمام بتربية الطلاب كذلك، حتى ينشأ الطلاب نموذجيين في الأخلاق والعلم والتعقل والأدب، ولكي يُمثلوا المجتمع بصورة أرقى من تمثيل العِرق واللون.
2- رفع كفاءة الإدراة:
إدارة المعرفة في القطاع التعليمي يُعد أمرا مهما للغاية. إن تقليل حجم الكتب الدراسية بالنظر في قدرات الطلاب المتفاوتة يُسبب تسهيلات تعليمية كثيرة، كما أنه يُعد طريقة ناجعة في إدارة المعرفة في أفغانستان.
تطوير جودة التعليم بالاستفادة من أنماط التربية الإيجابية الثنائية يرفع مستوى النظام التعليمي في البلد، وذلك لأن استخدام نمط التعليم الثنائي (الجامع بين جانب التعليم التقني الحرفي، وجانب التحليل والتحقيق) الذي تُعد ألمانيا نموذجا ناجحا في استغلاله كفيلٌ بتحسين مستوى النظام التعليمي في أفغانستان.
القسم المِهني يُدرّس بشكل علمي ونظري، حيث يُدرس الجزء النظري منه في المدارس، كما يُدرس الجزء العمليُّ منه في مراكز التدريب المعنية بذلك المجال، وهذه الطريقة هي أقصر الطرق لرفع كفاءة النظام التعليمي، وقد صُوّبت لرفع كفاءة التعليم في أفغانستان من قِبل وزارة التعليم ليتم تطبيقها في الأعوام 2017 – 2021م، وسيكون هذا النظام مفيدا في إعانة طلاب الصف الحادي عشر والثاني عشر على اجتياز امتحان القدرات ودخول الجامعة.
3- تنظيم الميزانية وتخصيص مبالغ أكثر:
من الضروري أن يُسعى لاستغلال الميزانية الحالية ونظم المعلومات المتاحة لرفع مستوى الشفافية والمحاسبة في استغلال الموارد الحكومية. ومن المهم كذلك تحليل وتقييم أداء الأنظمة التعليمية وتلبية احتياجاتها المالية حتى تتضح الصورة الإحصائية من خلال أنظمة جمع البيانات متعددة المصادر. ومن الضروري كذلك تحسين إدارة وحدة أنظمة المعلومات لأجل ترشيد الرقابة ورفع التقارير حيال النتائج والتقييمات .
هناك حاجة لزيادة الاستثمار في مجال تلبية احتياجات قطاع التعليم وتحسين بيئة التعلم المتوازن ومطابقة جميع ذلك للمعايير المعتمدة. ومع استحضار أن الإمكانيات المحدودة والضحلة سبب لهشاشة النظام التعليمي لذا من المهم أن تُخصص ميزانيات أكبر للقطاع التعليمي تهدف لتحسين نظم التعليم والتدريس وتهدف كذلك إلى إكمال العجز الحاصل في المواد والأدوات الدراسية.
بما أن تقلص عدد الأطفال في المراحل الدراسية الأولى يُتوقع أن يقلل الضغط الراهن حيال إنشاء البنية التحتية ومباني المدارس، لذا ينبغي تركيز الميزانية في المدى الطويل على تلبية الاحتياجات الراهنة المتعلقة بحفظ وصيانة المدارس واحتياجاتها التعليمية والأدوات والمراجع الدراسية.
4- رفع كفاءة المدرسين:
توسيع رقعة حضور الطلاب في البرامج التعليمية مرهون بقدر التسهيلات والإمكانيات المتاحة في المناطق النائية والمتدهورة أمنيا حيث يتعرض الطلاب لمخاطر أمنية عندما يقررون الذهاب إلى المدرسة. لذا فإن اقتراح باقة خدمات متناسقة ومرغوبة يجب أن تكون أولوية لدى الحكومة والمؤسسات الدولية الداعمة.
من الوسائل المعينة للوصول إلى الأهداف التعليمية السامية: إعداد خطة لاستقطاب معلمات أكثر، مع تقديم امتيازات وبدلات عمل، وتقديم دورات تدريبية وورشات مهنية للمعلمين على مستوى المحافظات، وعقد دورات قصيرة لتدريب المعلمين وتعريفهم بأساليب التدريس الحديثة، ودورات تعرّف المدرسين بالأنشطة التربوية، ومهارات التخطيط وتقييم الأنشطة التربوية.
5- تعزيز العلاقة بين الوالدين وإدارة المدرسة:
في هذا الصدد من الممكن استدعاء أولياء أمور الطلاب إلى المدرسة في مجالس وتجمعات. وينبغي دعوة بعض المتخصصين التربويين في هذه الجلسات حتى يقدموا ما لديهم من خبرات وتجارب على الحضور. مساعدة أولياء أمور الطلاب لإدارة المدرسة هي أفضل طريقة لنجاح النظام التعليمي ومداومة حضور الطلاب إلى الدروس. إذا لم يمكن عقد هذه الجلسات مرة في الشهر فيمكن عقدها مرتين أو ثلاثة في السنة، وخلال هذه الجلسات يتم تقدير أولياء الأمور المتعاونين مع المدرسة.
6- الاستفادة من أساليب التدريس المعاصرة:
على المدرسين الكرام أن يستخدموا أساليب متنوعة عند التدريس، وخصوصا في الصفوف الابتدائية. وكما ذكرنا ضمن التحديات أن سنين الدراسة الابتدائية هي الأساس التعليمي فإن الطالب إذا وُجدت لديه رغبة في التعلم في هذه المرحلة فسيستمر على هذه الحال في السنوات التي تليها. وهذا الأمر قابل للتنفيذ من قِبل المعلمين. المدرسة والمعلم يلعبان الدور الأبرز في هذه العملية، وهم من يُهيئون الطالب للانخراط بالمجتمع.
إن درس المعلم يختلط بروح الطالب، وإذا لم تتم عملية التدريس بالصورة اللائقة فإن ذلك سيترك آثارا سلبية على الطالب بشكل لا يمكن تلافيه. الطريقة المطلوبة يمكن تطبيقها عبر سرد قصة أو إجراء تطبيقات صفية أو عبر بيان عبارات جذابة توصل هدف الدرس إلى الطالب. الأساليب المثالية في التدريس إنما يُوفق لاتباعها المدرسون المجتهدون والمحبون للتعليم والتجربة والدراسة والبحث.
7- بث روح الثقة بالنفس في الطلاب:
يرى الخبير بعلوم التربية والتعليم (باجارس) أن معظم مشاكل الطلبة في المدرسة ليست ناشئة عن عجزهم، وإنما تنشأ عن اعتقادهم بأنهم لا يستطيعون أداء الواجبات المدرسية ولا يقدرون على التفوق .
أفغانستان من ضمن الدول التي تواجه تحديات كثيرة حيال هذا الصدد، مما يولد أشكالا من الاكتئاب في النفوس. وهذه الأفكار تنتقل من الأسر إلى الطلاب مما يجعلهم فاقدين للرغبة والحماسة في الاستمرار في تعلم دروسهم. من أهم وظائف المعلمين أن يولدوا الأفكار والخواطر المحفزة في عقول التلاميذ، ويعززوا فيهم إحساس الاعتماد بالنفس.
8- دعم المدارس الأهلية:
المدارس الأهلية تستطيع أن تساعد النظام التعليمي في البلد على إحراز أهدافه، وذلك لكونها لا تقتطع أي جزء من الميزانية الرسمية المخصصة للنظام التعليمي. بالإضافة إلى ذلك فإن تجمع الطلاب وتكدسهم يحصل بشكل أقل في المدارس الأهلية، مما يوفر الفرصة لتعليمهم بشكل أفضل. إذا قدرت الأسر الموقرة على رسوم هذه المدارس الأهلية فعليهم أن يرسلوا أبنهاءهم إليها. من جانب آخر فإن على وزارة التعليم أن تدعم هذه المدارس الأهلية بشكل أفضل وأن تحل مشاكلها.
9- الاستعداد للتدريس عن بُعد:
أخير أثبتت جائحة كورونا العالمية أنه لم يعد من الممكن الاقتصار على التعلم التقليدي الحضوري، بل ربما تطرأ حالات يُصبح فيها حضور المعلم والطلاب إلى المدرسة متعذرا. لذا على وزارة التعليم أن تُعد التطبيقات والبرامج والإمكانيات اللازمة للتعليم عن بُعد، حتى لا يجلس ملايين الأطفال والمراهقين والشبان عاطلين فارغين؛ وإنما المطلوب هو إتاحة التعليم المجاني لأكبر عدد ممكن من الشباب، الأمر الذي طُبق في دول عديدة أخرى.
وكلنا أمل في حصول جميع أبناء البلد على نظام تعليمي عالي المستوى.