مصروفیات الأطفال المفيدة خلال أيام الحجر المنزلي
منذ أكثر من مئة يوم يواجه العالم أزمة وباء كورونا، الذي بدأ انتشاره من الصين وبلغ شتى أصقاع العالم. حين كتابة هذه السطور تخطى عدد المصابين بهذا الدء حاجز مليونَي شخص، ويتزايد عدد المصابين بمرور كل ساعة. عدد ضحايا الفيروس أكثر من 177 ألف شخص، وقد سُجلت أكبر أرقام من الضحايا في الولايات المتحدة الأمريكية.
بما أن مرض كورونا لا علاج له، اتخذت جميع الدول خطوات وقائة للحد من انتشار الفيروس، ومن أهم تلك الخطوات الحجر المنزلي في المدن التي انتشر فيها الفيروس. بعد انتشار الوباء؛ قامت دولة أفغانستان بفرض الحجر المنزلي على مدنها واحدة تِلو الأخرى، بما في ذلك مدينة كابل التي يقطنها نحو ستة ملايين نسمة. وقد تم إغلاق المراكز التعليمية في المدن قبل فرض حظر التجوال بأيام.
وحاليا بما أنه قد مُنع ملايين الأطفال من الذهاب إلى المدرسة بسبب منع انتشار الفيروس؛ يا تُرى ما هي الأعمال التي يُناسب أن يقوم بها الوالدان حتى يسلم أطفالهم من الأضرار الناجمة عن المكوث الطويل في المنزل؛ وحتى لا يبقى أولادهم بعيدين عن التربية والتعليم؟ في هذا المقال سعينا لتقديم مقترحات ترويحية وتعليمية وصحية مناسبة وفق ما يطرحه الخبراء، فإليكم التفاصيل:
خلق جو من السعادة في المنزل
لا شك أن وباء كورونا تسبب في إعمال ضغط كبير اقتصادي ونفسي على جميع سكان العالم بشكل عام، وعلى الشعب الأفغاني بشكل أخص، بما أن عددا كبيرا من سكان بلدنا يعملون نهارا حتى يرجعوا مساء إلى بيوتهم بلقمة العيش. من الطبيعي في مثل هذه الأجواء الخانقة والضغط الاقتصادي أن تضعف قوة الإنسان على التحمل.
لذا من الضروري أن يُبذل الجُهد لإضفاء جو من السعادة والمرح على البيت وخصوصا على نفسيات الأطفال، وذلك أنه في حال عدم القيام بذلك فإن قدرة الأطفال على تحمل البقاء في البيت ستضعف، وسيتبع ذلك أضرار بدنية وروحية تؤثر عليهم سلبا. هذه الأزمة ستمر (عاجلا أو آجلا) إلا أن أضرار إغفال نفسيات الأطفال قد تُبقي آثارها على أبدانهم وأذهانهم مدة سنوات، مما سيُشكل لهم مصدر قلق وإزعاج. والمراد بالجو المرح هو أن يستمتع الأطفال ببقائهم في البيت بقرب بقية أعضاء الأسرة.
الأشغال المفيدة
بما أن الأطفال في أيام الحجر المنزلي يواجهون حالة جديدة، من الضروري لأجل سلامتهم البدنية والنفسية أن يُهتم بترويحهم إلى جانب تعليمهم وتربيتهم. الأشغال المفيدة المنزلية من أهم وسائل الإبقاء على سعادتهم خلال أيام الحجر المنزلي، وهنا نُشير إلى بعض ذلك:
- مارسوا الرياضة مع الأطفال؛ رياضة تُناسب سنهم كي لا تتضرر أبدانهم. أجروا معهم مسابقات رياضية حتى يستفيدوا منها بدنيا، وذلك أن الأطفال يستمتعون بالمسابقات، كما أن فوزهم فيها سيغمرهم بالسعادة.
- شاهدوا مع الأطفال برامج وقنوات تلفازية مفيدة. بما أن مشاهدة التلفاز لها آثار إيجابية وسلبية كثيرة على الأطفال؛ فإن أيام الحجر المنزلي فرصة جيدة لتعويد الأطفال على مشاهدة المُحتوى المفيد واجتناب المحتوى الضار. كما أنه من الضروري لفت نظر الأطفال نحو القيم التربوية بشكل مستمر.
- ينبغي أن يُمنح الأطفال نصيبهم من المشاركة في الأعمال المنزلية، حيث إنهم بذلك سيشعرون بالمسؤولية كما أنهم سيتدربون على أعمال المنزل ومتطلباتها.
- ينبغي أن تُطرح عليهم طرائف وألغاز ذات معنى. هذا العمل مفيد من ناحية قضاء أوقات الأطفال كما أنهم سيتعلمون من ذلك أشياء كثيرة بصورة غير مباشرة.
- من المهم أن تُقدم لهم أنشطة فيها جانب ترويحي وجانب تعليمي، وهذا سيطرد عنهم الملل من جهة؛ كما أنه سيفيد في شحذ مهاراتهم وتنميتها.
إعداد جدول أوقات الدراسة
لا شك أن كثيرا من الأطفال في فترة المدرسة يتمنون أن يصعدوا في المراحل الدراسية. وباء كورونا يُسبب قلقا لدى الطلاب حيال تأخرهم عن دروسهم. أول واجب على الآباء هو أن يُبعدوا عن أبنائهم هذا القلق، ثم عليهم بعد ذلك أن يُعدوا جدولا دراسيا لأبنائهم حسب سنهم ومستوياتهم، ثم يُنفذ الجدول على نحوٍ لا يُشعر الأطفال معه بالملل. أبرز ما ينبغي أن تشتمل عليه الجداول الدراسية هو التالي:
- ينبغي أن يتم الاهتمام أكثر بالمواد الأساسية في الصفوف العليا مثل اللغة والرياضيات والفيزياء والكيمياء. وهذا الاهتمام سيخفف من قلق التلاميذ حيال تأخر دروسهم كما أن دراستها في هذه الفترة سيحل كثيرا من مشاكلهم المستقبلية حين دراستها في المدرسة.
- إضافة إلى ذلك، ينبغي تدريس التلاميذ كتب إسلامية ابتدائية، مثل السيرة النبوية وقصص الأنبياء ومبادئ الإسلام وغيرها. والمراد هو اختيار كتاب من المكتبة الإسلامية وشرحه للأطفال بلغة سهلة. وبالإمكان الاستعانة بكتب التربية الإسلامية المقررة على المدارس.
- من الضروري كذلك في أيام الحجر المنزلي أن يُشوق الطلاب على القراءة الحرة. وبما أن الأطفال لديهم رغبة شديدة في الكتب القصصية؛ بالإمكان الاستفادة من كتب القصص البسيطة والتي كُتبت بلغة تناسب الأطفال.
- ينبغي اغتنام أوقات تناول الطعام في جو أُسري مُفعم بالحب والحنان. كما يُنصح بأداء الصلوات المفروضة جماعة وعقب الصلوات يتم إلقاء كلمات تربوية مفيدة.
- عقد المسابقات العلمية والذهنية الموائمة لمستوى الأطفال تُعد وسيلة تعلمية – تربوية جيدة وترويحا شيقا للأطفال خلال أيام الحجر المنزلي.
تعليم النظافة والتدابیرالوقائیة
تعليم الأطفال النظافة ينبغي أن يكون أحد انشغالات الأطفال خلال العطلة. في هذه الفترة ينبغي تعليم الأطفال النظافةعلى نحو يبقى في أذهانهم لسنوات طويلة ويهتموا بها. الفائدة العاجلة التي سنجنيها من هذا النمط التعليمي هو أننا سنساعد المجتمع في مكافحة انتشار وباء كورونا، وعلى المدى الطويل فإن ذلك سيُساعد على أن يكون المجتمع راشدا من ناحية الاهتمام بالنظافة والصحة. اهتمام الأسر بالنظافة كفيل بتقليل مصاريف العلاج ويُخفّض العبء الموجود على الميزانية الوطنية.
في هذه الأيام، تتصدر أخبار انتشار فيروس كورونا شاشات التلفاز. المبالغة في تحليل الأخبار المتعلقة بوباء كورونا تُرعب الكبار فما بالك بالصغار. إبعاد الأطفال والصغار عن مثل هذه الأخبار أمرٌ ضروري. ينبغي أن يكون لدى أطفالنا وعي حول مرض كورونا وأسباب انتشاره. إلا أن المبالغة في تحليل أخبار انتشار هذا المرض قد يُسبب أزمة نفسية لدى الأطفال، وذلك لأن نفسياتهم ليست مهيأة لتقبّل مثل هذه الأخبار السيئة.
كما ينبغي مكررا تذكير الأطفال والمراهقين بأن يغسلوا أيديهم عدة مرات في اليوم، وأن يجتنبوا مصافحة الآخرين والاقتراب منهم، كما يُستفاد من الكِمامة والقفازات حين الخروج من المنزل، وبتكرار هذه التوصيات سيهتم بها الأطفال.
النتائج
بما أن نحو مليون طفل يقضون وقتهم في حجر صحي كامل وقد مُنعوا من الذهاب إلى المراكز التعليمية والمدارس فمن الضروري أن يبذل الوالدان جهدهما في تسلية أبنائهم ودعمهم في جانب الترويح والتعليم والتربية والصحة. وذلك لأن عدم الاهتمام بالأطفال في أيام العطلات مما يُضيّع أوقاتهم كما أنه يسبب حصول أضرار نفسية وبدنية لهم. ولعل بعض هذه الأضرار تستمر آثارُها لسنوات.
إيجاد جو من المرح في البيت، وإعداد جدول محدد للتعليم والتربية، وإشغال الأطفال بالأنشطة الإيجابية والتعليم الصحي من الأمور التي ينبغي على كل والدين أن يهتما بها.