الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة في أفغانستان؛ الأسباب والحلول

مقدمة

مع انهيار الحكومة الأفغانية السابقة وسيطرة الإمارة الإسلامية على كافة أراضي البلد توقفت دوامة الحرب وأوقف نزيف الدم الذي كان جاريا؛ ولكن من جانبٍ آخر زامنتْ هذا التحول الكبير تحدياتٍ ألقت بثقلها على أفغانستان وباتت مخاوف عامة الشعب حيال التحديات الاقتصادية الراهنة تزيد يوما بعد يوم. المشكلة الأبرز والأكبر في هذا الصدد والتي أثرت بشكل فوري على عامة الشعب حدثت حين تم تجميد ثروة البنك المركزي الأفغاني (د أفغانستان بانك) في الولايات المتحدة الأمريكية والذي أعقبه عجز البنوك الأفغانية عن إعطاء المواطنين أموالهم بسبب قلة السيولة في البنك المركزي. كخطوة أولى، أعلن البنك المركزي أن أصحاب الحسابات الشخصية يقدرون على سحب 20 ألف أفغاني أو 200 دولار من حساباتهم كل أسبوع، كما أعلن البنك ذاته بتاريخ 15/سبتمبر/2021م أن بإمكان الشركات أن تسحب 25000 دولار شهريا من حساباتها. وقد تسببت هذه الأوضاع في انخفاض العملة الأفغانية بشكل مستمر وارتفاع قيم السلع الأساسية في البلد بصورة متزايدة.

مع استحضار المقدمة المذكورة هناك أسئلة عديدة تطرح نفسها حاليا. مع التحول الراهن إلى أي جهة يسير الوضع الاقتصادي في البلد؟ هل سيقدر النظام الحالي على التحكم في الأزمة المالية والاقتصادية؟ ما هي طرق الحل المتاحة لمواجهة هذه التحديات؟ متى وكيف ستُحل مشكلة البنوك الأفغانية ومشكلة قلة السيولة المالية؟ ما هو الدور الذي يمكن للبنك المركزي أن يلعبه في حل هذه المشاكل وماذا بإمكانه أن يصنع حاليا؟ ماذا سينتُج عن انخفاض قيمة العملة الأفغانية وكيف يمكن إنقاذها من الانخفاض؟ وبشكل عام كيف يمكن للبلد أن يخرج من المآزق المذكورة؟

في هذه المقالة البحثية تناولنا الموضوعات المشار إليها مع غيرها من القضايا كما سعينا لتقديم أجوبة لأسئلتها. تم إعداد هذه المقالة البحثية أصالة من مضامين ونقاشات المؤتمر الافتراضي الذي عقده مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية (CSRS) حيال التحديات الاقتصادية الراهنة.[1] وبالإضافة لهذا المصدر تمت الاستفادة من آراء الخبراء المعنيين بهذا المجال ومن الدراسات والمصادر الأخرى المعتنية بهذا الشأن.

التحولات الأخيرة وتأثيراتها على الأوضاع الاقتصادية والمالية

مع قدوم حركة طالبان إلى كابل وانهيار الحكومة الأفغانية السابقة في تاريخ 15/أغسطس/2021م شهد البلد تحولات كبيرة في معظم المجالات ومن أهمها التحدياتُ الاقتصادية التي خيّمت على حياة المواطنين الأفغان ومشكلةُ تعطل العلاقات والتبادلات الدولية مع أفغانستان. مع اعتلاء طالبان لكرسي الحكم أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية فورا تجميدها لثروات أفغانستان البنكية حتى لا تقع في أيادي طالبان. يبلغ قدر هذه الثروات نحو 9.4 مليار دولار. إن تجميد هذا المبلغ قد أثر بشكل سلبي على الحالة الاقتصادية في البلد بشكل عام. وفي السياق ذاته تم إيقاف دعم المجتمع الدولي لأفغانستان بشكل كامل. في نوفمبر/2020م عقد المجتمع الدولي مؤتمرا في جنيف حيال أفغانستان والتزم المجتمع الدولي بتقديم دعم لأفغانستان خلال السنوات الأربع التالية (2021 إلى 2025م) يبلغ قدره 12 مليار دولار[2]، وقد تكفل الاتحاد الأوروبي بالتكفل بمبلغ 1.2 مليار يورو (نحو 1.4 مليار دولار) من المبلغ الذي أعلن عن تقديمه المجتمع الدولي.[3]

وفي تاريخ 13/سبتمبر/2021م عُقد مؤتمر هيئة الأمم المتحدة في جنيف بسويسرا والتزم المجتمع الدولي مرة أخرى بتقديم مساعدات إنسانية لأفغانستان بقيمة 1.2 مليار دولار، وقد التزمت الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم مبلغ 64 مليون دولار من المبلغ الإجمالي المذكور[4]. المؤتمر المذكور هو أول وأهم مؤتمر يعقده المجتمع الدولي حيال أفغانستان منذ استلام الإمارة الإسلامية لزمام الحكم، وقد صرح في المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة أن نحو 14 مليون مواطن أفغاني مهددون بمخاطر المجاعة في البلد. إلا أن امتناع المجتمع الدولي عن اتخاذ قرار نهائي حيال التعامل مع الإمارة الإسلامية يخلق مخاوف حول تأثير وفائدة المساعدات الموعودة.

القضية الأخرى هي تأثر الأنظمة البنكية بالتحولات الأخيرة. قبل نحو أسبوعين من سقوط الحكومة السابقة عندما بدأت المحافظات بالدخول تحت سيطرة الإمارة الإسلامية واحدة تلو الأخرى احتشد المواطنون أمام البنوك لإخراج أموالهم من حساباتهم، ومع انهيار النظام الحاكم أوصدت جميع البنوك ومحال الصرافة أبوابها خوفا من أعمال النهب والسرقة، ومع استقرار الأوضاع العامة بشكل نسبي بقيت البنوك ومحال الصرافة موصدة بسبب قلة السيولة (عملة الدولار والعملة الأفغانية) لدى البنك المركزي الأفغاني. وبعد مرور نحو أسبوعين فُتحت البنوك مرة أخرى وأُتيح للمواطنين أن يسحبوا أموالهم ولكن مع تقييدات كمية وزمنية خاصة[5] وُضعت من قِبل المصرف المركزي الأفغاني. ونتيجة للفترة التي بقيت فيها البنوك مغلقة وكانت التبادلات المالية والتجارية شبه متوقفة تم إغلاق أسواق الصرافة ومن أهمها مركز (سراي شهزاده) لمدة ثلاثة أسابيع. الأوضاع المذكورة تسببت في ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الأسواق كما أن التأثيرات طالت أذهان المواطنين وزادت من قلقهم وخيبة آمالهم.

بالإضافة إلى ما ذُكر فإن أبرز تحدٍّ واجه الأوضاع المالية بسبب التحولات الأخيرة هو انخفاض العملة الأفغانية، والتي من خلالها يُقيم عامةُ الشعب الوضع الاقتصادي في البلد. بشكل إجمالي مع انهيار الحكومة الأفغانية السابقة بلغت قيمة العملة الأفغانية مقابل الدولار معدل (90 أفغاني لكل دولار) بعد أن كانت بمعدل (80 أفغاني لكل دولار). في العنوان التالي من المقال سنبحث في عوامل انخفاض العملة الأفغانية وسبل حل هذه المشكلة؛ إلا أن ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن العملة الأفغانية بالنظر في التحولات الأخيرة بقي ثابتا إلى حدٍ كبير ولم تنخفض قيمته إلى الحد الذي خُشي منه.

العوامل المذكورة أعلاه والتحولات الأخيرة بشكل عام أثرت على الحالة المادية للمواطنين بشكل عميق. على سبيل المثال؛ هناك مئات الآلاف من الموظفين الذين كانوا يعملون في هيكل الحكومة السابقة ولم يأخذوا رواتبهم.[6] وقد كانت الاحتياجات الأساسية لهؤلاء الموظفين إنما تُوفر من هذه الرواتب. مع أن الإمارة الإسلامية وعدت بإعطاء جميع الموظفين رواتبهم بعد بعض التفتيشات والتقييمات إلا أن هذه العملية لم تتقدم بشكل ملحوظ حتى الآن.

قيمة العملة الأفغانية مقابل الدولار

بشكل عام لوحظ أن قيمة العملة الأفغانية خلال الأشهر الأخيرة كانت في حالة انخفاض. في بداية شهر أغسطس كانت العملة الأفغانية تُصرف مقابل الدولار الواحد بسعر 80 أفغاني؛ ولكن مع بدء سلسلة سقوط المحافظات بدأت العملة بالانخفاض. في تاريخ 14/أغسطس وصلت الحروب إلى أبواب كابل، مما رفع قيمة الدولار على حساب العملة الأفغانية حتى صار التبادل بين العملتين يتم بتسعيرة 95 أفغاني مقابل الدولار الواحد. ومع انهيار النظام الحكومي أُوصِدت كافة البنوك ومحال الصرافة ولكن مع استئناف سوق (سراي شهزاده للصرافة) أنشطته بتاريخ 4/سبتمبر تغيرت قيمة العملة الأفغانية وبلغت (87 أفغاني مقابل الدولار) وشيئا فشيئا استقرت العملة الأفغانية حتى بلغت قيمة العملة الأفغانية بعد عدة أيام معدل (83 أفغاني مقابل الدولار) إلا أن الأمر لم يدم طويلا حيث عادت قيمة الأفغاني إلى معدل (90 أفغاني مقابل الدولار) في أواخر شهر سبتمبر نتيجةً للأوضاع السياسية في البلد.

بالنظر في التحديات والأوضاع الراهنة فإن التحليل الاقتصادي يُفيد أن العملة الأفغانية لم تخسر قيمتها إلى الحد الذي كان متوقعا. حاليا بغض النظر عن العوامل الأخرى يتم أسبوعيا ضخ الدولار إلى السوق ويُصرف إلى العملة الأفغانية بقدر 50 إلى 70 مليون دولار ومن جانب آخر فقد خرج من البلد أكثر من 120 ألف مواطن أفغاني وفي محاسبة عادية بإمكاننا أن نُقدر أن هؤلاء قد سحبوا من السوق نحو مليار دولار ومع ذلك لم ينخفض سعر العملة الأفغانية إلى الحد الذي خِيف منه. أحد أسباب هذا الاستقرار النسبي هو تقلص مصاريف الحكومة وخفة الضغط على العملة الأفغانية. كما أن حركة الاستيراد باتت أقل ولذا لم يعد هناك ضغط كبير على العملة الأفغانية. ومع كل ما ذكرناه هناك حاجة لدراسة العوامل التي تلعب دورا في تخفيض قيمة العملة الأفغانية.

من أبرز مهام المصرف المركزي الأفغاني إدارة التورم المالي والحفاظ على أسعار السلع الأساسية ولأجل تحقيق هذه الأهداف يُعد ثبات سعر تبادل العملات أمرا مهما. حتى اللحظة تم الحفاظ على سعر العملة الأفغانية من خلال تبادلها مع العملات الخارجية أو عن طريق بيع المستندات المالية أو الوثائق ذات القيمة (Capital Notes). تبادل العملات كان يتم عبر محال الصرافة كما أن المستندات المالية ذات القيمة كانت تُباع في البنوك ولكن ذلك لم يستمر، فتبادل العملات تعرقل بسبب قلة سيولة الدولار كما أن بيع المستندات ذات القيمة يُعد ضمن المعاملات الربوية، ولذا تزعزعت شيئا ما قِيَم العملات وقِيَمُ معاوضتها.

مع أن للمصرف المركزي دورا مهما في السيطرة على التورم والحفاظ على قيمة العملة الأفغانية، إلا أن هناك عوامل أخرى تؤثر على قيمة العملة الأفغانية. العرض المتزايد في السوق مع انخفاض الطلب أعملَ ضغطا على العملة الأفغانية خلال العقدين الماضيين، ولم يكن ضخ الدولار وسيلة حل ناجحة دائما، وحاليا بما أن المساعدات الأجنبية قد توقفت فإن الضغط تزايد على العملة الأفغانية. العوامل الأخرى التي أثرت بصورة مباشرة على سعر معاوضة العملة الأفغانية هي الحالة الاقتصادية العامة والبنية الاقتصادية ومستوى التصديرات والاستيرادات. وبالنسبة لسبل الحل الكفيلة بمواجهة هذا التحدي على المدى القريب والمتوسط والبعيد فهناك توصيات مذكورة ضمن المقترحات في هذا المقال.

نظرة في أوضاع البنوك

إن للمصرف المركزي الأفغاني دوراً مهم في اتزان المعادلات الاقتصادية في البلد. بالإضافة إلى إدارة التورم والتحكم في أسعار معاوضة العملات فإن البنك يقنن جميع السياسات المالية ويكون وسيطا اتصاليا بين البنوك الأهلية. ولكن مع استلام الإمارة الإسلامية لزمام الحكم واجهتِ المصرف المركزي تحديات كبيرة والسبب الرئيس هو قلة السيولة النقدية وتجميد ثروات المصرف المركزي، ونتيجة لذلك توقفت العلاقات التجارية بين أفغانستان والدول الأخرى مما خلق تحديات كبرى للنظام المصرفي بأفغانستان. بالإضافة إلى ذلك فإن وباء كورونا خلال العام الماضي أثر على الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلى القطاع المصرفي بشكل خاص ولم تكن أفغانستان مستثناةً من ذلك.

منذ تاريخ 15/أغسطس/2021م تُعد مشكلة السيولة [7] أو العجز عن منح النقود المالية هي المشكلة الرئيسة في البنوك بأفغانستان. هناك أسباب عديدة منعت من أن تُفضي مشكلة السيولة إلى إيقاف عمل البنوك بالكامل. أولها أن نسبة 10 إلى 15 في المئة من المواطنين يُجرون معاملاتهم التجارية من خلال البنوك كما أن نسبة 90 في المئة من المعاملات تتم خارج الإطار المصرفي وقد سهّل ذلك عمل البنوك إلى حد ما ولعب دورا إيجابيا في السيطرة على الأزمة المالية الأخيرة. السبب الآخر الذي لعب دورا إيجابيا هو أن البلد لم يكن مدينا، حيث إن استدانة البلد من المؤسسات المالية العالمية يؤثر سلبا على السيولة ومبادلة العملات. وهكذا فإن مستوى السيولة في البنوك بأفغانستان بنظرة مُقارِنة يُعد مرتفعا كما أن لدى البنوك أموالا نقدية كثيرة وتمنح المواطنين الأموال من الودائع المحفوظة بها.

مع أن النظام المصرفي لم يتوقف بفعل التحولات الأخيرة وقدِرَت البنوك الأفغانية على الاستمرار في عملها إلا أن مشاكلَ من قبيل قلة الأموال النقدية عرقلت النظام المصرفي، كما أن استمرار الوضع على ما هو عليه كفيل بأن يخلق تحديات كبرى أمام النظام المصرفي بأفغانستان على المدى المتوسط والمدى البعيد. رغم أن هناك تقدما إيجابيا لوحظ في أواخر شهر سبتمبر حيال العقوبات المالية الموضوعة على الإمارة الإسلامية إلا أن ثروات أفغانستان مازالت مُجمدة. في تاريخ 24/سبتمبر أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية ترخيصين[8] يسمحان للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى بأنواع من التعامل المالي مع طالبان والتي مهّدت السبل لتوصيل المساعدات الإنسانية لأراضي أفغانستان التي تحكمها الإمارة الإسلامية، وقد لاقى هذا القرار ترحيبا من قِبل طالبان.

التحدي الذي بات يواجه النظام المصرفي الأفغاني حالا ومستقبلا هو اعتماد أصول الاقتصاد الإسلامي في البنوك وفق سياسات الحكومة الجديدة في حين أن أنظمة البنوك في بقية دول العالم تسير بالأنظمة الربوية. حاليا تتوفر نسبة 85 في المئة من أموال البنوك في الحسابات الجارية Current Accounts والتي يمكن للعميل أن يسحب أمواله منها متى ما شاء والسبب الممهد لذلك هو استناد الأنظمة المصرفية على النظام الربوي. إلا أنه لم يتم العمل والتأسيس للاستثمارات طويلة المدى مما يشكل تحديا أمام النظام المصرفي بأفغانستان. خلال العقدين الماضيين كانت هناك مشاكل في السياسات المالية حيث لم تكن مثمرة ومؤثرة بقدر كافٍ لسببين اثنين. أولا أن نسبة 90% من اقتصاد أفغانستان قائم على معاملات غير رسمية أو رسمية جزئيا مما جعل تعامل البنوك معها صعبا، حيث إن تعامل المصرف الأفغاني المركزي إنما يتم مع القطاع الرسمي ولذا لم تلعب السياسات المالية الدور المطلوب. السبب الثاني هو تداول أكثر من عملة في السوق مما أضعف السياسات المالية. الحكومة السابقة كانت تضخ أسبوعيا 50 إلى 70 مليون دولار في السوق لتحافظ على استقرار قيمة العملة الأفغانية ومع ذلك كان سعر الدولار – مقارنة بالعملة الأفغانية – يرتفع شيئا فشيئا إلى أن بلغت قيمة الدولار 80 أفغاني مما يدل على ضعف تأثير السياسات المالية لدى الحكومة الأفغانية السابقة.

بشكل عام تُعد الخدمات المصرفية إحدى الإنجازات التي أُحرزت خلال العقدين الماضيين ومن الضروري أن تُشكّل بالمصرف المركزي الأفغاني إدارةٌ تُمهّد السبل لتعامل وتعاون المصرف مع المجتمع الدولي حتى لا يضيع الإنجاز المذكور. إن مشكلة السيولة والتقييدات الحالية بالبنوك الأفغانية قضية مُتفهمة، حيث إن العديد من الدول تواجه مثل هذه الأوضاع. على سبيل المثال حين تفاقمت المشكلة المالية والمصرفية في اليونان عام 2016م وُجدت نفس هذه التقييدات في المبادلات المالية. إن البنوك الأفغانية رغم المشكلات استأنفت عملها، إلا أن المهم هو أن لا تستمر التحديات الحالية مدة طويلة وأن يقوم المصرف المركزي الأفغاني في أسرع فرصة بتغيير الأوضاع من خلال بعض السياسات والإجراءات.

سبل الحفاظ على البنوك التجارية

إحدى المهام الرئيسة المناطة بالمصرف المركزي الإشراف على النظام البنكي والبنوك الأهلية، وحسب الخبراء المعنيين بهذا المجال فإن عمل المصرف المركزي بالخطوات التالية ضروري لإنقاذ النظام البنكي والبنوك الأهلية في أفغانستان من الانهيار:

  1. النشر الإعلامي لأنشطة المصرف المركزي:

إن أنظار عامة المواطنين متوجهة نحو المصرف المركزي وأنشطته؛ ولأجل إنعاش ثقة وآمال الشعب على المصرف المركزي أن يلتقي أسبوعيا بالبنوك التجارية وينشر نتائج اللقاءات عبر وسائل التواصل الاجتماعية. في الدول الأخرى تنشط البنوك بشكل مكثف وتقدم كل يوم أنباء جديدة للمواطنين. إن الشعب يهتمون كثيرا بالبنوك وذلك لأن ثرواتهم محفوظة فيها وإذا حصلت مخاطر للبنوك فستبقى أموالهم مهددة أيضا. ولأجل أن يُطمْئن المصرف المركزي المواطنين عليه أن يُكثف من إبراز أنشطته وأعماله في الإعلام.

  1. تعزيز ثقة المواطنين في البنوك:

إن أكبر ثروة تمتلكها البنوك هي ثقة المواطنين واعتمادهم. لقد تزعزعت ثقة المواطنين شيئا ما في البنوك خلال الفترة الراهنة. إن البنوك كانت تزود العملاء في السابق بالقدر الذي كانوا يطلبونه سواء بالعملة الأفغانية أو بالدولار. ولأجل أن تعود ثقة المواطنين في البنوك على المصرف المركزي أن يوجّه البنوك بقانون مفاده: كل من يودعون أموالهم – بالعملة الأفغانية أو بالدولار – في البنوك من الآن فصاعدا بإمكانهم أن يسحبوا هذه المقادير بالعملة التي أودعوها متى ما شاؤوا.

  1. زيادة سعر العملات لدى البنوك:

بإمكان المصرف المركزي أن يوجّه البنوك الأهلية بقانونٍ مفاده: كل تاجر من الآن فصاعدا يودع الدولار في المصرف المركزي بإمكانه في نفس الوقت أن يستورد البضائع من الخارج، كما أنّ كل تاجر لديه نقود في منزله بعملة الدولار يقدرُ أن يودِع أمواله في البنوك وبإمكانه في نفس الوقت أن يُحول مبالغه بالدولار – بنفس القدر – إلى الخارج. وبهذه الطريقة سيجني المصرف المركزي الفوائد التالية:

  • الدولار المفقود في البنوك والمتوفر في المنازل بهذه الطريقة سيتدفق إلى البنوك.
  • تقليص الضغط على الدولار في المصرف المركزي واستحصال البنوك الأهلية للدولار من السوق.
  • تدفق أموال البنوك الأهلية المتوفرة في البنوك الخارجية إلى داخل البلد وتعزيز السيولة البنكية في الداخل.
  • ومن خلال هذه السبل تُستورد السلع الأساسية إلى داخل البلد وتُحل معها التحديات الاقتصادية شيئا فشيئا.
  1. إقامة العلاقات مع البنوك في الدول الأخرى:

بما أن أفغانستان بلد مستورد وجميع احتياجاته مستندة على حركة الاستيراد لذا من الضروري أن يكون هناك اتصال بين البنوك التجارية الأفغانية والبنوك في الدول الأخرى ومن خلال هذه العلاقات بإمكان البنوك أن تُرسل الأموال إلى الخارج وتحصل على السلع المستوردة مقابل ذلك. بإمكان الحكومة الجديدة أن تُطالب دولَ هيئة الأمم المتحدة بأن تفتح بنوكها الأهلية حسابات في البنوك الأفغانية ومن ثم تتم عمليات تبادل تجارية بين البنوك الأفغانية والدول الأخرى.

خلال العقدين الماضيين لم تدعم الحكومة الأفغانية البنوك الأهلية في هذا الصدد وكانت البنوك الأهلية من خلال جهودها تقيم علاقات تجارية مع البنوك بالدول الأخرى. إذا قامت الحكومة الأفغانية بهذه المساعدة فإن تسهيلات عديدة ستتوفر للبنوك الأهلية وللمواطنين.

  1. عقد لقاءات بمالكي البنوك والمساهمين فيها:

بإمكان مالكي البنوك أن يقودوا بنوكهم إلى سبيل التحسن أو السير بها نحو الاضمحلال. إذا أرادوا أن يعرضوا بنوكهم للانهيار فبإمكانهم أن يعملوا بكل ما يسمعونه من موظفيهم. على قادة المصرف المركزي أن يُحادثوا مالكي البنوك الأهلية عبر مؤتمر افتراضي ويُفهموهم أن البنوك إذا أقدمت على خطوات خاطئة فإن المسؤولية ستعود عليها. وإذا لم يمكن ذلك عبر المؤتمر الافتراضي فبالإمكان إرسال خطابات لمالكي البنوك والمساهمين فيها وإبلاغهم بعدم التدخل في شؤون البنك وفي حال حدوث إشكال فإن اللوم يعود عليهم.

  1. على البنوك التجارية أن تفتح فروعها:

حاليا يحتشد الكثير من المواطنين أمام المكاتب الرئيسية للبنوك وتقوم وسائل الإعلام بتغطية هذا الاحتشاد بكثافة مما يزيد في قلق المواطنين، ولحل ذلك على البنوك أن تفتح فروعها للعملاء حتى يتيسر لهم الحصول على أموالهم وتزول مشكلة الزحام. وإذا وجّه المصرف المركزيُّ البنوكَ التجارية بإبقاء فروعها مفتوحة فإن البنوك ستُضطر لتنفيذ ذلك.

  1. المساعدات الخارجية:

من الطبيعي أن يُحضر مندوبو الدول الأجنبية ومندوبو المؤسسات الإغاثية أموالهم – بالعملات الأجنبية – إلى أفغانستان ويُشكّل الدولار جزءا كبيرا من هذه الأموال. بإمكان المصرف المركزي أن يعقد تفاهمات مع هذه الدول حتى يعاوضوا ما معهم من الدولار بالعملة الأفغانية في المصرف المركزي. وبهذه الطريقة تتوفر العملة الخارجية لدى المصرف المركزي الذي بإمكانه أن يضخ هذه العملات الخارجية في الأسواق مرة في كل أسبوعين.

  1. قيام المصرف المركزي بالإشراف والمراقبة:

في الفترة الحرجة الحالية على المصرف المركزي أن يُشرف بالكامل على البنوك التجارية ويراقب أنشطتها وتطبيقها لتوجيهات وخطابات المصرف المركزي. في الوقت الحالي يقطن مسؤولو البنوك التجارية في الخارج، وخلال عدم تواجدهم قد تقوم البنوك بأعمال عديدة مخالفة للقانون. على المصرف المركزي أن يكثف مراقبته على البنوك ذات الأرصدة المنخفضة والمستويات المتدنية حيث يُتوقع انهيارها أو قيامها بالمخالفات في أي لحظة.

  1. تأمين الأمانات:

حاليا هناك قدر ضئيل جدا من أمانات الشعب الأفغاني التي قام المصرف المركزي بتأمينها. إذا قدر المصرف المركزي بمساعدة إحدى الدول الأجنبية أن يرفع مستوى تأمين الأمانات فإن ذلك سيعزز من ثقة المواطنين في البنوك وسيحفظ سمعتها.

  1. توسعة رقعة العمل المصرفي:

لكي يتم إدخال المواطنين في قطاع العمل المصرفي بإمكان المصرف المركزي أن يطالب المواطنين على المدى البعيد بأن يُسددوا فواتير الكهرباء ورسوم أبنائهم الدراسية ونحو ذلك من المصاريف عبر حساباتهم البنكية، وبالتالي فإن المواطنين الذين لا يملكون حسابات مالية سيفتتحون حسابات مصرفية جديدة.

  1. إدلاء التصريحات الإيجابية:

على المصرف المركزي أن يوجه عامليه بتجنيب أنفسهم نشرَ وتناقل الأخبار السلبية. وإذا قاموا بنشر الأخبار السلبية بين المواطنين فإن ثقة الشعب فيهم ستتقلص أكثر، مما سيخلق تحديات مالية جديدة.

الخطة المقترحة على المدى الطويل

إن نسبة 90% من السلع في أفغانستان مستوردة ويتم شراؤها بالدولار وتُباع بالأفغاني ومن ثم يُعاد شراء الدولار بالأفغاني، كما أن التاجر الذي حصل على مبالغ بالعملة الأفغانية يحتاج إلى أن يعاوض ما معه ليحصل على الدولار. لذا فإن الأوضاع بحاجة إلى السيطرة على المدى المتوسط والمدى البعيد حيث ينبغي على الحكومة أن تقنن سياساتها المالية الداخلية والخارجية وفق الأهداف الوطنية وخصوصا على أساس التنمية الاقتصادية. في هذا الصدد ينبغي أن يُصبح الإنتاج وخلق فرص العمل هدفا في حد ذاته. إذا نشطت حركة الإنتاج في الداخل فإن الطلب على الأسعار الخارجية سيقل وسينخفض معدل الفقر كما أن فرص العمل ستزداد وستتوفر للمواطنين. لذا على الإدارات المعنية أن تُعد مخططات عاجلة وطويلة المدى لتعزيز حركة الإنتاج ومكافحة الفقر واستحداث المزيد من فرص العمل.

إن إجمالي الناتج المحلي في أفغانستان يساوي 20 مليار دولار وتُشكل الخدمات والأعمال نسبة 65 في المئة منه وجُل هذا المبلغ يتعلق بالشركات الأجنبية. الضرورة توجب في الفترة الحالية أن تنشط حركة الاستثمار الداخلي والدولي وأن لا يكون مجالها الخدمات فقط وإنما تُمنح الأولوية في الاستثمارات لمبادرات الإنتاج ومبادرات استحداث فرص العمل؛ وذلك لأن الإنتاج يتبعه تفعيل قطاع التصدير الذي يُمكن من خلاله رفع مستوى تدوير العملة الأفغانية في الأسواق.

توجد في أفغانستان فرص كثيرة للاستثمار والإنتاج. قطاع المعادن، والزراعة والصناعة أمثلة لبعض القطاعات التي يمكن الاستثمار بها في أفغانستان. إن سعر العمالة في أفغانستان متدني، وحاليا بما أن التحديات الأمنية باتت قليلة فبإمكان الحكومة أن ترغّب المستثمرين في الاستثمار الداخلي والاهتمام بالإنتاج أكثر من الاتجار المحض، مع تمهيد السبل شيئا فشيئا لإنشاء المصانع المتوسطة والكبيرة. على سبيل المثال يُقترح تفعيل إنتاج المشروبات والمواد الغذائية والألبسة حيث تتوفر المواد الخام لهذه السلع في أفغانستان ومن ثم يمكن الاستغناء عن استيرادها من الخارج. لذا؛ من الضروري أن لا تقتصر أهداف المصرف المركزي الأفغاني على تثبيت سعر العملة الأفغانية وإنما الضرورة الأولى هي التركيز على رفع مستوى الإنتاج إلى الحد الأقصى وبذلك تُمهد السبل لإيجاد فرص عمل جديدة وخفض معدل الفقر. في عام 2020م بلغت نسبة البطالة في أفغانستان معدل 72%، كما أن نسبة 90% من المواطنين بقوا تحت خط الفقر. وباستحضار أن عدد السكان يزيد سنويا بنسبة 4% ويُضاف عدد مليون شخص سنويا إلى العاطلين عن العمل فإن استمرار ذلك يُشكل تحديا كبيرا وستسير الأوضاع نحو الأسوأ إذا لم تُطرح مخططات تحل جذور هذه الصعوبات.

إن موقع أفغانستان في بقعة تصل حقول النفط والغاز وغيرها من المصادر الإستراتيجية في آسيا الوسطى مع السوق النشطة في دول جنوب آسيا يدل على أهمية موقع أفغانستان، ولهذا السبب هناك رغبة دولية في الاستثمار بهذا البلد، إلا أن ذلك يتطلب – بالإضافة إلى إحداث أنظمة مصرفية متقدمة – العمل على إخراج البلد من حالة الاستنفار العسكري وإرجاع حالة الاستقرار الطبيعية حتى تتحول منافسات دول المنطقة والعالم السلبية إلى منافسات بنّاءة وإيجابية.

بالإضافة إلى ذلك يرتبط نجاح النظام المصرفي داخل أفغانستان بالاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي كما يرتبط أيضا بجودة العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول المنطقة والعالم. إن معظم دول العالم في الفترة الراهنة تربط تفعيل استثماراتها التجارية ومعاملاتها المصرفية مع الدول الأخرى بشروط متعلقة بنوع النظام السياسي وجودته في البلد الذي يُقصد التعامل معه، وأبرز مثال لذلك قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتجميد ثروات أفغانستان وطلبها أن تهتم الحكومة الأفغانية بتأسيس حكومة شاملة لمكونات الشعب وأن تحافظ على حقوق المرأة وحقوق الأقليات وأن لا تسمح لأي فصيل معادٍ لأمريكا أن تستغل أرض أفغانستان لأهدافها. بالإضافة إلى ذلك هناك منافسات سياسية وفكرية على المستوى العالمي، حيث إن للدول الكبرى خطط تهدف لحفظ غاياتها السياسية والاقتصادية على المستويين الإقليمي والدولي، ومع اصطدام هذه المخططات ينشأ التنافس السلبي ولهذا السبب تحولت أفغانستان نتيجة هذه المنافسات إلى ميدانٍ للتدخلات الخارجية والاضطرابات الداخلية. إن استقرار النظام الحاكم في أفغانستان منوط بكيفية ضبط النزاعات والصراعات الداخلية ومن ثَم منع التدخلات الأجنبية المشبوهة.

إن أفغانستان حاليا تمر بمرحلة اقتصادية حساسة، وذلك أن اقتصاد البلد كان قائماً أصالةً على الدعم الخارجي وجُل الميزانية الوطنية كانت تُعدّ من المساعدات الأجنبية، وحاليا مع توقف هذه المساعدات يُخشى من حصول التورم وارتفاع الأسعار يوما بعد يوم واتساع رقعة الفقر بين المواطنين نتيجةً لذلك. ولذا فإن البلد يحتاج -بالإضافة إلى الخطط قصيرة المدى – إلى خطط بعيدة المدى لتتم السيطرة على الأوضاع بالتدريج. ولإحكام السيطرة على الأوضاع الاقتصادية على المدى البعيد هناك فرص عديدة. إن أفغانستان قد كسبت لقب “تقاطع دول آسيا” وبإمكان أفغانستان أن تصبح نقطة وصل بين دول آسيا الوسطى ودول جنوب آسيا في المشاريع الدولية مثل مشروع TAPI ومشروع (CASA 1000) ومشاريع استخراج الزمرد وغيرها؛ وعلى إثر ذلك ستهدف الشركات العالمية للحضور في أفغانستان.

إن تحديات أفغانستان الداخلية ومشاكلها السياسية على المستوى الدولي، وسياساتها في إدارة الحكومة الجديدة وعزمها على تنفيذ أحكام الاقتصاد الإسلامي رغم اعتماد الأنظمة العالمية للنظام الاقتصادي الربوي يُشكّل تحديا أمام الاقتصاد الأفغاني في المستقبل، ويُوجب العمل على إيجاد سبل حل على المدى القريب والبعيد. على المصرف المركزي أن يُوجد كفاءات للقيام بالإشراف والمراقبة العاجلة على مختلف التعاملات المالية والمصرفية، حتى تُستهدف الفرص والتحديات الحالية بشكل جذري ويتم التخطيط المُحكم على أساسها للوصول إلى الأهداف الإستراتيجية الرئيسة. كما أن هناك ضرورة لتنشيط حملات على مستوى دول المنطقة والعالم لاستقطاب المساعدات الإنسانية من خلال المؤتمرات وغيرها من الأنشطة الإعلامية.

التوصيات والحلول:

للسيطرة على الأوضاع الحالية هناك مخططات قصيرة ومتوسطة المدى كما توجد حلول على المدى البعيد وبإمكان الحكومة أن تعمل في ضوئها. فيما يلي نشير إلى حلول كفيلة بتحسين الأوضاع على المدى القريب:

  • أولا: في السابق كانت قيمة العملة الأفغانية وتسعيرة معاوضتها مع العملات الأخرى تُحفظ من خلال ضخ الدولار وبيع المستندات المالية ذات القيمة؛ وكحل عاجل يُمكن تبديل هذه العملية إلى التعامل بالصكوك حيث يقوم المصرف المركزي بعرض الصكوك في السوق الداخلية وذلك سيحد من مشكلة السيولة كما سيساعدة على تثبيت قيمة العملة الأفغانية مقابل العملات الأخرى، كما أنه في حال وجود فائض في العملة الأفغانية المتبادلة في السوق فسيتيسر الحصول عليها من المصرف المركزي.
  • ثانيا: القضية الثانية هي ثروات أفغانستان والتي تساوي نحو 9.4 مليار دولار والتي تم تجميدها. هذا الموضوع يُشكل قضية سياسية/اقتصادية إذا لم يتم حلها فستواجه أفغانستان أزمة إنسانية. ولأجل حل هذه المشكلة لا بد من بذل جهود ومساعي على المستوى الداخلي والدولي حتى تُرد هذه الثروات لخزانة البنك المصرفي مما سيلعب دورا مهما في السيطرة على الأوضاع الاقتصادية على المدى القريب.
  • ثالثا: القضية الثالثة هي المساعدات الإنسانية المُعلن عنها حديثا والبالغ قدرها 1.2 مليار دولار حيث التزم المجتمع الدولي بتقديمها لأفغانستان. إذا تم تقديم هذا الدعم من خلال القطاع المصرفي فبإمكان البنوك حينها أن تُبقي العملات الدولية معها وتمنح لعملائها العملة الأفغانيةَ بدلا عنها.
  • رابعا: الحل الرابع هو أن يُحوّل الأفغان المقيمون في الخارج مبالغهم إلى داخل البلد عبر النظام المصرفي. وفق التقديرات يُحول المواطنون الأفغان سنويا نحو 800 مليون دولار إلى أفغانستان.

بالإضافة إلى ما ذُكر هناك حلول على المدى البعيد وينبغي على الحكومة أن تهتم بها وأن تسعى إليها، وفيما يلي نشير إلى بعضٍ منها:

  • أولا: هناك فارق كبير حاليا بين مقدار التصدير ومقدار الاستيراد، وينبغي العمل على تقليص هذا الفارق للحدّ من خروج الأموال من البلد وليقلّ الضغط على العملة الأفغانية.
  • ثانيا: القضية الثانية هي قضية المشاريع الكبرى ومشاريع الاتصال الإقليمي، مثل مشروع TAPI ومشروع CASA-1000 ومشروع طريق الحرير الذي يصل أفغانسان بأوروبا. إذا حصل تقدم في هذه المشاريع فإنها ستكوّن الأعمدة التي سيستند عليها الاقتصاد الأفغاني على المدى البعيد.
  • ثالثا: الموضوع الثالث هو موضوع استخراج المعادن. وفق التقديرات تملك أفغانستان من المعادن غير المُستكشفة على الأقل ما يقارب تريليون دولار، حيث إن استخراج هذه المعادن بالصورة المؤثرة سيؤثر بشكل عميق وإيجابي على الاقتصاد الأفغاني. في السابق وُجدت موانع تحول دون الاستفادة المؤثرة من هذا القطاع وهي مشكلة الفساد وضعف الحكومة والتحديات الأمنية. ومن أمثلة ذلك معدن (عينك) للنحاس بمحافظة لوجر، حيث لم تنشط أعمال الاستخراج بعدُ رغم توقيع العقد وبدء أعمال المنجم.
  • رابعا: تنفيذ المشاريع التنموية في قطاع الزراعة. تُشكل الزراعة سهما مهما في الناتج الإجمالي المحلي بأفغانستان، وإذا بُذل اهتمام كافٍ بهذا القطاع فبإمكانه أن يكون مُستنَداً قويا للاقتصاد الوطني.
  • خامسا: ترغيب المستثمرين الأفغان والأجانب بالقدوم إلى أفغانستان ونقل رؤوس أموالهم إلى داخل البلد، حيث إن التحديات الأمنية كانت عائقا كبيرا يحول دون ذلك في الماضي، وحاليا بما أن الأوضاع الأمنية قد تحسنت فبإمكان المستثمرين أن يشرعوا في مبادراتهم وتُسهل لهم أجواء الاستثمار ومقوماته.
  • سادسا: موضوع السيّاح الأجانب، حيث يمكن من خلال إرساء الأمن على المدى البعيد وتعزيز أجواء الاستقرار أن يُرغّب السيّاح الأجانب على القدوم إلى أفغانستان. لدى البلد فرصة سانحة في هذا المجال ويمكن استغلالها لتعزيز الحالة الاقتصادية بأفغانستان.
  • سابعا: بما أن النظام الاقتصادي في أفغانستان من الآن فصاعدا قائم على قوانين الاقتصاد الإسلامي في حين أن النظام المصرفي العالمي قائم على الأنظمة الربوية فهناك حاجة لتشكيل فريق من المتخصصين المعنيين بهذه المجالات والاستعانة بهم في تحديد الصعوبات والتحديات المتعلقة بإجراء المعاملات المصرفية بين أفغانستان ودول العالم وتُطرح لها سبل الحل. من الضروري الخطو بتدرج نحو تنفيذ النظام المصرفي الإسلامي وقوانين الاقتصاد الإسلامي مع استحضار تجارب بعض الدول التي خاضت هذا المجال.

النهاية

[1] عقد مركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية مؤتمرا افتراضيا بتاريخ 18/سبتمبر/2021م تحت عنوان (نظرة في الأزمة المالية الراهنة وانخفاض قيمة العملة الأفغانية) وتحدث في المؤتمر الرئيس السابق للمصرف المركزي الأفغاني واحد نوشير، والرئيس السابق لعدد من البنوك الأهلية أحمد خسرو ضياء، ومؤسس قسم السياسات بالمصرف المركزي ونائب وزير المالية السابق سيد مبين شاه مصمم. كما تحدث في المؤتمر أيضا بالنيابة عن اللجنة المُعدّة للمؤتمر المرشح للدكتوراة في هذا المجال شاكر جلالي. وشارك في إدارة الندوة عضو اللجنة المعدّة للمؤتمر والمتخصص في المجال الاقتصادي كامران ملك، بالإضافة إلى الباحث والمسؤول التنفيذي بالمركز حكمة الله زلاند.

[2] Reuters Staff. Foreign aid to Afghanistan could reach $12 billion over four years, some with conditions. 24 Nov 2020. https://www.reuters.com/article/afghanistan-diplomacy-aid-int-idUSKBN2842S2

[3] European Commission. EU reconfirms support for Afghanistan at 2020 Geneva Conference.24 Nov 2020. https://ec.europa.eu/international-partnerships/news/eu-reconfirms-support-afghanistan-2020-geneva-conference_en

[4] The Economic Times. Donors pledge $1.2 billion in emergency funds for Afghans. 14 Sep 2021. https://economictimes.indiatimes.com/news/international/world-news/donors-pledge-1-2-billion-in-emergency-funds-for-afghans/articleshow/86188197.cms?from=mdr

[5] للسيطرة على الأوضاع المالية المتفلتة سمح المصرف المركزي للبنوك الأهلية بأن يسحب منها مالكو الحسابات الشخصية مبلغ 20 ألف أفغاني أو 200 دولار في الأسبوع، كما سُمح للشركات الخاصة بأن تسحب مبلغ 25 ألف دولار من حساباتها المصرفية كل شهر.

[6] وقد قام نائب رئيس الوزراء بالإمارة الإسلامية عبد السلام حنفي قد وظف لجنة مؤخرا للإشراف على الحالة الاقتصادية في البلد بما يشمل إيجاد حلول لمشكلة رواتب الموظفين الحكوميين. وفق تصريحات المسؤولين بالحكومة تم توزيع رواتب الموظفين بعدد من الوزارات والعمل جاري على إكمال التوزيع في بقية الوزارات.

[7] Liquidity.

[8] Press Release. Treasury Issues General Licenses and Guidance to Facilitate Humanitarian Assistance in Afghanistan. 24 Sep 2021. https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy0372

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *