أفغانستان في عام 2015م، الاقتصاد والفساد الإداري والسياسة الخارجية
واجهت أفغانستان في عام 2015م، أوضاعا صعبة من عدة جوانب. إلى جانب الوضع الأمني المتدهور، كان الوضع الاقتصادي أسوء بالنسبة لـ14 سنة الماضية. فقد تراجعت العملة الأفغانية بشكل غير مسبوق، واتسعت البطالة، وتقلص الاستثمار، مما أسفر عن فرار عقول شابة من البلد.
وفي هذا العام، عاد عدد من اللاجئين من الدول الجارة، فاق أرقامهم ست سنوات الأخيرة. كما وحاولت الحكومة مكافحة الفساد، بطريقة متناقضة.
من جهة أخرى، تغيّرت السياسة الخارجية الأفغانية في هذا العام بالنسبة لـ14 سنة الماضية. أنجزت في مجالات، وأخفقت في مجالات أخرى.
فبشكل عام، كيف كان الوضع الأفغاني في عام 2015م؟ ماذا عن عودة عدد من اللاجئين الأفغان من الدول الجارة، وماذا عن فرار العقول؟ وماذا فعلت الحكومة في مكافحة الفساد؟ وكيف كانت خارجية البلد؟ نسلط الضوء على هذا في السطور القادمة.
الوضع الاقتصادي
بناء على إحصاءات البنك الآسيوي للتنمية، كان نمو الانتاج الخالص في أفغانستان عام 2015م، 2.5%، وهناك إضافة 1.3% بالنسبة للسنة الماضية[1]. مع أن البنك الدولي يظهر ذلك 1.9%[2]. كما وزاد الانتاج الصناعي، لكنه وإلى جانب ذلك وإثر عدم الاستقرار السياسي والأمني، قلت ثقة الشعب والمستثمرين، ولم تنجز الحكومة وعودها.
سعر العملة الأفغانية
في عام 2015م، تراجعت العملة الأفغانية أمام الدولار الأمريكي. بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وفي نهاية عام 2014م، كان سعر العملة الأفغانية أمام دولار واحد 58.18. وفي الشهرين الأولين من العام 2015م، تحسن وضع العملة الأفغانية أمام الدولار من جديد. ففي شهر يناير كان سعر دولار واحد 57.75 أفغاني، وفي شهر فبراير أصبح 57.4 أفغاني.
بعد شهرين أولين من عام 2015م، تراجعت العملة الأفغانية أمام الدولار، وإلى الآن لها وتيرة تنازلية، (في شهر يناير 2016م)، وصل سعر دولار واحد 68.78 أفغاني. لمزيد من التفاصيل، راجع الجدول الأول.
الاستثمار
برأي الإدارة الأفغانية لدعم الاستثمار، تقلص الاستثمار في 9 أشهر الأولى من عام 2015م، 26% بالنسبة لـ9 أشهر الأولى من عام 2014م. ففي 9 أشهر الأولى من عام 2014م، تم استثمار 611 مليون دولار، لكن 9 أشهر الأولى من عام 2015م، شهدت استثمارا بلغ 448 مليون دولار.
في المجال العمراني، تقلص استثمار عام 2014م، من 200 مليون دولار، إلى 83 مليون في 9 أشهر الأولى من عام 2015م، فهناك 58% من التنازل. كما وشهد مجال الصناعة والزراعة والخدمات بالترتيب تنازلا بـ25%، و12%، و9.63%.
الفساد الإداري
تعهدت حكومة الوحدة الوطنية في 9 أشهر الأولى من تشكيلها، بمكافحة الفساد قبل كل شيء. جرت محاولات ضد الفساد في 2015م، لكن خطة الحكومة كانت مثيرة للسخرية، ومواقفها كانت متناقضة.
أهم خطوة رفعتها الحكومة كانت إحداث لجنة التدارك الوطني، وقد حفظت الحكومة عبرها على كثير من الموارد المالية.
طيلة عام 2015م، حصلت الحكومة على جزء من قروض كابل-بنك. وقال وزير المالية الأفغاني في مؤتمر “سام”، إن 228 مليون دولار من ديون كابل بانك، تم استرجاعها.
لكن وبشكل عام لم تكن خطة الحكومة في مكافحة الفساد على شاكلة واحدة، وخير مثال على ذلك إطلاق سراح أهم متهم في ملف كابل-بانك وهو خليل لله فيروزي من السجن، وتوقيعه اتفاقية بناء مجمع سكني مع الحكومة.
المخدرات
لأول مرة وفي 2015م، تقلص حجم الأراضي الزراعية للمخدرات. بناءً على إدارة الأمم المتحدة للمخدرات والجرائم، في عام 2015م، تم زرع المخدرات في 183000 هكتار، وهو يظهر تقلصا يبلغ 19%، بالنسبة لعام 2014م. كما وتم تخمين الانتاج في 2015م، 3300 طن، وهو أيضا يظهر 48% تقلصا بالنسبة للعام الماضي.
بشكل عام تم زرع المخدرات في المناطق المضطربة أمنيا، تصدرت ولاية هلمند القائمة، ثم فراه، ثم قندهار، ثم بادغيس. كانت 14 ولاية خالية من زرع المخدرات، وشهدت 20 ولاية أخرى زرع المخدرات.
تقلصُ الزرع لم يكن بسبب خطة حكومية، فبناءً على تحقيق للأم المتحدة، كان السبب الأهم لتقلص الانتجاح سوء الأوضاع الجوية.
اللاجئون
في نهاية عام 2014م، حدث هجوم دامٍ على مدرسة تابعة للجيش الباكستاني في مدينة بيشاور، أسفر عن تغيير خطة باكستان لمواجهة “الإرهاب”، كما وأثرت على أوضاع اللاجئين الأفغان في باكستان، وهو ما دفع 95042 لاجئيا غير مسجل منذ يوليو 2015م، للعودة إلى أفغانستان عبر معبر طورخم[3]. مع مرور الأيام، تقلصت وتيرة العودة من باكستان، فبشكل عام ومنذ يناير 2015م، وإلى الآن عاد أكثر من 50 ألف لاجيء مسجل إلى أفغانستان.
في 2015م، وبسبب البطالة والاضطرابات الأمنية، فرت عشرات الآلاف من الشباب عبر طرق خطيرة إلى أوروبا، ومع عدم وجود أي أرقام دقيقة حول هؤلاء في عام 2015م، لكن الأمم المتحدة تخمن أن من بين مليون لاجيء عبر المحيط، يشكل الأفغان 19% منهم، ويصل الرقم 200000 لاجيء.
السياسة الخارجية
في 2015م، شكّل الاندماج الاقتصادي وإحلال السلام والرقي النقاط البارزة للخارجية الأفغانية. في مجال الاندماج الاقتصادي بدأ تنفيذ مشروعي “كاسا-1000″، و”تابي”. في مجال النقل حاولت الحكومة بناء طريق اللازورد، وتنشيط ميناء شاه بهار، ومن أجل ذلك قام زعماء الحكومة بزيارة إلى آذربايجان، وتركمانستان، وإيران وتركيا، وقد أنجزت الحكومة في هذا المجال إلى حد ما.
وفي الأزمة اليمنية دعمت الحكومة موقف السعودية، ومع مرور العلاقات مع باكستان بمنحنيات عدة، شهدت أفغانستان عام 2015م، علاقات جيّدة مع جميع الجيران تقريبا. كما وتحسنت العلاقات مع الدول الإقليمية (تركيا، والهند، والسعودية).
في مجال السلام، ومع أن الحكومة الأفغانية لم تنجز الكثير، لكنه وبسبب تغيير سياسة كابول والتقرب من إسلام آباد، عُقدت جلسة محادثات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وطالبان في منطقة “مري”، السياحية الباكستانية، وبعد أن تدهورت العلاقات بين الطرفين، حاولت الصين وأمريكا التقريب بين الجارتين. وكنتيجة لهذه المحاولات، تحركت أخيرا توقعات بأن تبدأ عملية السلام المتوقفة من جديد.
النهاية
[1] See online: http://www.adb.org/countries/afghanistan/economy
[2] See online: http://www.worldbank.org/en/news/feature/2015/10/30/afghanistan-development-update-afghanistan-sluggish-growth-against-the-backdrop-of-deteriorating-security
[3] See online: https://afghanistan.iom.int/sites/default/files/Reports/return_of_undocumented_afghans_from_pakistan_-_update_as_of_30_nov_2015.pdf