وضع النساء في أفغانستان، عوامل العنف وطرق الحل

تقول وزارة النساء الأفغانية إنها سجّلت 4 ألف حادثة عنف ضد النساء في البلد خلال العام الماضي. لو نمعن النظر في أرقام السنوات الماضية في هذا المجال ندرك أن مستوى الأحداث تجاه الانخفاض، لكن المستوى في العام الجاري تصاعد من جديد، وحدثت أحداث مرعبة مما أثار جدلا كبيرا حول القضية في البلد.

من جهة أخرى أصبحت المرأة الأفغانية إثر التأثر بالحضارة الغربية، والحرية المطلقة، والفهم الخاطيء من الإسلام ضحية. من هنا، أثارت موجة الإفراط والتفريط المتسعة في البلد ردود فعل متناقضة، كما وأثارت الحساّسية من كل جانب، مما يجعل المرأة الأفغانية ضحية لهذه الحالة.

فما هو وضع المرأة في العالم؟ كيف مقارنته مع وضع المرأة الأفغانية؟ أليست المرأة الأفغانية ضحية للإفراط والتفريط؟ وأخيرا ما هي العوامل الأساسية للعنف مع المرأة، وما هي طرق حل هذه المشكلة؟

العنف ضد المرأة عبر العالم

ليس العنف ضد المرأة مشكلة منطقة، أو بلد خاص عبر العالم. بل هي مشكلة موجودة في كل مكان، وخاصة في الدول الغربية. فإن المرأة الغربية عام 2013م، تم تسجيل العنف الجسدي مع قرابة 13 مليون منها، كما وتعرضت 3.7 مليون منهن للاغتصاب[1].

في أمريكا وبعد كل 8 ثانية يتم ضرب امرأة واحدة، وبشكل معدل تتعرض 20 امرأة خلال دقيقة واحدة للعنف الجسدي. ومن كل 5 نساء أمريكيات تتعرض إحداهن للاغتصاب في حياتهن، أمر يحدث لواحد من بين 71 رجلا[2]. وبناء على تحقيق المكتب الفدرال الأمريكي في عام 2013م، فقط تم تسجيل 79770 حادثة اغتصاب[3].

تم عرض الأرقام إسنادا للقول بأن العنف ضد المرأة ليس مشكلة منطقة أو دولة خاصة، بل إن وضع المرأة حتى في الدول الغربية سيء أيضا. لكن هذه الأرقام لا تلزمنا الصمت أمام العنف المتزايد أمام المرأة الأفغانية.

المرأة الأفغانية، ضحية الإفراط والتفريط!

المجتمع الأفغاني تقليدي ومتحفظ، ونسبة الأمية كبيرة فيه، وتسود حالة من عدم المعرفة بالحقوق التي فرضها الإسلام للمرأة. من هنا، تبقى المرأة في جهل من حقوقها الطبيعية والإسلامية، حتى إن طلب الميراث من قبل المرأة تُعتبر “وصمة عار”، أيضا.

وفي ردة فعل لهذه الحالة الإفراطية تصاعدت حالة إفراطية ليبرالية أخرى أدخلت المرأة في حالة أجنبية بعيدة عن قيمها، وأعرافها، ودعت “هذه المرأة الغريبة من المجتمع”، للتمرد على المجمتع. هو أمر بدلا من أن ينفع حقوق المرأة، قلّص من أهمية الموالين لحقوق المرأة، لأن كثيرا من الأفغان شكّوا في صدق نوايا هذه المجموعات.

إلى الآن لم تُمنح للمرأة الأفغانية حقوقها التي قرر لها الإسلام، من جهة أخرى تحاول الحلقات الليبرالية أن تجعل المرأة الأفغانية عصية على المجتمع والوضع الطبيعي. وإن الحالتين تمثلان وضعا مدمّرا للمراة الأفغانية، ومن الضروري إخراجها من هذه الدوّامة المدمّرة.

العنف ضد المرأة في أفغانستان

العنف ضد المرأة موجود في أفغانستان منذ سابق، لكن لم تكن آلية لستجيله، وكثير من الأحداث كان يبقى طيّ الكتمان. أما الآن تقوم المؤسسات المعنية بالأمر، والقوانين والإعلام بإظهاره للعلن، وتسجيله.

بعد تشكيل نظام جديد للبلد في مؤتمر بن الألمانية في 2001م، تم تشكيل وزارة خاصة بأمور النساء، وأصبحت سيما ثمر أولى وزيرة في هذه الوزارة. كما وارتفع مستوى تواجد المرأة في مؤسسات الحكم، وسبقت أفغانستان كثيرا من الدول الغربية. فعلى سبيل المثال إن نسبة المرأة في البرلمان الأفغاني أكثر منها مقارنة مع فرانسا، وباكستان، والهند، واليابان، وروسيا[4]. كما وزاد تواجد المرأة في وزارة المعارف، والمؤسسات الحكومية عموما.

لكن رغم هذه الحالة، منذ عام 1391 الهجري الشمسي، إلى 1393 الهجري الشمسي، سجّلت 5939 امرأة أفغانية شكوى بشأن العنف لدى لجنة حقوق الإنسان. شهد عام 1392 الهجري الشمسي، أكبر الأرقام وهي 2159، وكما ويظهر السجل 1750 في عام 1391، ليظهر الحد الأدنى. (راجع الجدول الأول).

الجدول الأول: الشكاوى المسجلة لدى لجنة حقوق الإنسان بشأن العنف ضد المرأة. (1391 إلى 1394)

Ar-1

من عام 1391 الهجري الشمسي إلى 1393، ارتفع مستوى أحداث العنف ضد المرأة، وبلغ عام 1392 ذورته، وبعد ذلك أخذ المتسوى في الانخفاض، وبلغ عام 1394 الحد الأدنى. (راجع الجدول الثاني).

الجدول الثاني: الأحداث المسجلة ضد المرأة في كل البلد. (1391، إلى 1394).

Ar-2

من جهة أخرى، لو ننظر إلى أرقام الاغتصاب، نجد أن الأرقام في التصاعد منذ ثلاث سنوات. فقد تم تسجيل 109 حادثة عام 1391، فيما بلغ العدد 139 عام 1392، وبلغ 179 عام 1393 الهجري الشمسي.

إثر تصاعد أحداث العنف ضد المرأة، تم وضع قانون المكافحة مع العنف ضد المرأة عام 2009م. لكنه بدلا من أي جدوى قسّم المجتمع أكثر، وأثار شكوكا بشأن نوايا كل من يرفع صوتا للدفاع عن المرأة، وبأن تكون هناك أيادي غربية خلف الأمر. لأن موادا في القانون تعارضت مع القيم الإسلامية علنا، ومن هنا لم يصدّق البرلمان عليه.

أحداث مرعبة

هناك أحداث مرعبة ضد المرأة حدثت في البلد. منها ما حدث في المدن الكبرى وأمام الجميع، وانتشرت في وسائل الإعلام بشكل وسيع. ونذكر منها حادثتَيْن وصلتا إلى الإعلام بشكل واسع.

في شهر حوت من العام الهجري الشمسي 1393، تعرضت بنت بالغة من العمر 27 سنين، باسم فرخندة في مدينة كابول بتهمة حرق المصحف، وبحضور الشرطة، تعرضت لضرب شديد من قبل الجموع، مما أدّى إلى قتلها بطريقة شرسة. ثم ظهر أن التهمة كانت غير صحيحة، وأثار الحدث ردود فعل داخلية وخارجية واسعة.

والحادث الثاني حدث قبل بضعة أيام، إذ قام رجل في ولاية فارياب شمالي البلد بقطع أنف امرأته. أحداث كهذه حدثت في أرجاء البلد ووصلت أخبارها إلى وسائل الإعلام أيضا. لكن كثير من هذه الأحداث تحدث في مناطق بعيدة ولا تصل أخبارها إلى الإعلام.

ولم ترفع الحكومة أي خطوة مؤثرة لمنع العنف ضد المرأة في المناطق البعيدة، بل هناك آراء في المجمتع ترمي إلى أن الحكومة والمجتمع الدولي لم يفعلا إلا إثارة للمرأة، مما فتح الباب على وجه موجة من الإفراط في البلد. وهناك انتقادات على بعض وسائل الإعلام بهذا الشأن.

عوامل العنف ضد المرأة

يمكن لنا أن نلخّص عوامل العنف ضد المرأة في البلد بشكل آتي:

  • قلة العلم بحقوق المرأة في الإسلام: كثير من المواطنين لا يعرفون الحقوق التي فرضها الإسلام للمرأة. وسبب عدم الفهم الصحيح حول حقوق المرأة في الإسلام، حدوث أحداث العنف ضد المرأة من جهة، ومن جهة أخرى يتم وضع قوانين باسم الدفاع عن حقوق تعارض الإسلام ومن ثم تثير موجة إفراطية في المجتمع.
  • الجهل وقلة العلم: تحدث كثير من أحداث العنف ضد المرأة في القرى والمناطق البعيدة وهي أحداث مرعبة. وغالبية هذه الأحداث سببها الجهل.
  • أثر الثقافة الغربية: بسبب الحرية المطلقة لوسائل الإعلام منذ 2001م، تنتشر الثقافة الأجنبية في البلد، وإلى الآن أثّرت بشكل كبير على المجتمع. ومن هنا، ارتفع مستوى الطلاق والتحرش بالنساء في الطرقات، كما والاغتصاب له وتيرة تصاعدية. وقد حدث مثل هذه الأحداث من قبل الأطفال ومع المحرمات أيضا.

 طرق الحل:

  • تعميم الوعي: يجب رفع مستوى الوعي الجماعي بشأن حقوق المرأة ومكانتها عبر القنوات، والإذاعات، وطرق أخرى.
  • التعليم: بقدر ما يزيد التعليم في المناطق البعيدة، يتقلّص مستوى العنف ضد المرأة.
  • دور العلماء: إن دور العلماء في ذلك حيوي للغاية. عليهم أن يشرحوا حقوق المرأة في إطار الإسلام، وأن يحرّضوا الناس نحو تعامل حسن مع المرأة. كما وعليهم أن يشرحوا الموقف الإسلامي والوطني بشأن أنواع من العنف ضد المرأة (مثل العنف الجسدي، والتحرش وغيره).
  • مكافحة الفساد في القضاء: كثير من المجرمين بشأن النساء، يتخلصون من مؤسسات القضاء، عبر دفع الرشوة. لو تقلّص الفساد في هذه المؤسسة للعب ذلك دورا في تقلّص العنف ضد المرأة.

النهاية

[1] -راجع تقرير الاتحاد الأوربّي حول العنف ضد المرأة، في الرابط التالي:

http://fra.europa.eu/sites/default/files/fra-2014-vaw-survey-main-results-apr14_en.pdf

[2]  راجع أرقام تحالف أمريكا الوطني لمكافحة العنف ضد المرأة في الرابط التالي:
http://www.ncadv.org/learn/statistics

[3] مزيد من التفاصيل حول الاغتصاب في الموقع الرسمي:
https://www.fbi.gov/about-us/cjis/ucr/crime-in-the-u.s/2013/crime-in-the-u.s.-2013/tables/1tabledatadecoverviewpdf/table_1_crime_in_the_united_states_by_volume_and_rate_per_100000_inhabitants_1994-2013.xls

[4]  راجع أرقام الاتحاد البرلماني، عبر الرابط التالي:
http://www.ipu.org/wmn-e/classif.htm

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *