أفغانستان ونزوح سكاني كبير.. خلفية وعوامل

 

 

تقول منظمة العفو الدولية في تقرير جديد بشأن النازحين في أفغانستان، إن عدد النازحين منذ 2013م، أصبح ثلاثة أضعاف.

وجاء في التقرير الذي نشرته المنطقة في 31 من مايو 2016م، أن عام 2013م، كان فيه قرابة 500 ألف نازح، لكن العدد وإثر التدهور الأمني بلغ 1.2 مليون نازح.

يناقش جزء من التقرير أوضاع النازحين الصعبة، ويضيف أن برنامج الحكومي بشأن نازحي عام 2014م، حتى لم يُطبق بطريقة كاملة، أن النازحين لا زالو يواجهون مشاكل كبيرة.

منذ متى بدأت عملية النزوح في البلد، وبأي مراحل مرت؟ ما هي الأوضاع الراهنة؟ وما هي العوامل الأساسية وراء ارتفاع عدد النازحين؟

 

خلفية النزوح

على مر العصور وإثر عوامل كثيرة (حروب، مشاكل اقتصادية وطبيعية)، اضطر عدد من سكان أفغانستان على النزوح، لكن عدد النازحين في تلك الفترات كان قليلا جدا.

في أيام الاحتلال السوفيتي اضطر عدد كبير من سكان أفغانستان إما على اللجوء إلى الدول الجارة أو النزوح من أماكن مختلفة إلى العاصمة كابول. بشكل عام كان الذين يلجأون إلى الدول الجارة ممن كانت لديهم مشاكل فكرية مع الحكومة وكانوا من مخالفي الحكومة. وأما الذين تنقلوا من أماكن بعيدة إلى العاصمة أو المدن المركزية كانوا من العاملين لدى الحكومة، أو من المسؤولين الكبار أو أناس آخرون نزحوا لعوامل مختلفة.

لا توجد أرقام دقيقة حول النازحين في تلك الفترة، لكن حسب دراسة لباحثين في الشأن الأفغاني نانسي ولويس دوبري كان تعداد النفوس في كابول قبل الثورة الشيوعية قرابة 750 ألف، لكن مع الاحتلال السوفيتي تنقل عدد كبير من المناطق البعيدة إلى كابول، تجنب من مشاكل الحرب، مما جعل النسمة في كابول ضعفين ويعني أنها بلغت قرابة مليون ونصف. إلى جانب ذلك وفي الولايات الأخرى أيضا توجهت أعداد كبيرة نحو مراكز الولايات، وبشكل عام بلغت أعداد النازحين مليونين. (راجع الرسم البياني الأول).

 

الرسم البياني الأول: عدد النازحين ما بين (۱۹۸۴-۲۰۱۵)م

الرسم البياني الأول

المصدر: إدارة اللاجئين للأمم المتحدة

في الرسم الأعلى يظهر الخط الأزرق عدد النازحين أيام الجهاد الأفغاني ضد الروس، ويظهر الخط الأحمر أراقم الأمم المتحدة منذ 1992م، إلى 2015م.

 

أرقام النازحين

في التسعينيات وإثر الحرب الأهلية، سكن كثير من الناس في المدن بعيدا عن مناطق الحروب. في 2001م، وبعد قصف القوات الأمريكية في المناطق البعيدة وصل عدد النازحين 1.2 مليون، لكن وبعد تحسن الوضع الأمني تقلص عدد النازحين إلى 650 ألف، واستمر في التقلص حتى 2006م. كان الوضع الأمني مستقرا إلى حد كبير. بعد 2007م، تصاعدت وتيرة العنف في بعض الأماكن، وبذلك ارتفع عدد النازحين أيضا.  ففي 2007م، بلغ عدد النازحين 153718 نازح، وإلى نهاية مايو من 2015م، بلغ العدد 916435 نازح[1]. ومن جهة أخرى تظهر وزارة اللاجئين عدد النازحين في 2015م، 854310 نازح[2]. (راجع، الشكل الأول).

لو نمعن النظر في الأوضاع الأمنية في 2015م، وفي أرقام الأمم المتحدة وأرقام الحكومة الأفغانية بشأن النازحين، يبدو  لنا أن الأرقام قليلة. ومن هنا تعتبر لجنة حقوق الإنسان هذه الأرقام غير صحيحة وتشير إلى أن أرقام النازحين في 2015م، بلغت 1.257 مليون، وهي خمسة أضعاف عام 2009م. ففي هذا العام زاد العدد بسبب ظهور داعش، سقوط قندوز، وتوسع الاضطرابات الأمنية إلى المناطق الشمالية، وبعض الأحداث الطبيعية. وتعتمد منظمة العفو الدولية على أرقام لجنة حقوق الإنسان  وقد استندت عليها في تقريرها لعام 2016م.

 

عوامل النزوح في أفغانستان

يمكن لنا أن نلخص عوامل النزوح في أفغانستان منذ 2009م، في عدة نقاط تالية:

  • تدهور الأمن:يقف تدهور الأمن المتزايد في البلد سببا لارتفاع مستوى النزوح. وعلى سبيل المثال لو نقارن أرقام 2001م، و2006م، و2009م، و2015م، نجد أن النزوح كان مرتفعا سوى 2006م، وذلك لأن 2001م، شهد اضطرابات أمنية كبيرة، وبلغ عدد النازحين 1.2 مليون. وبعد تحسن الأوضاع في البلد تقلصت الأرقام إلى عام 2006م إذ بلغ العدد 129310 نازح. لكن بعد 2006م، ارتفع مستوى الاضطرابات الأمنية ومعها ارتفع عدد النازحين، وبلغ في 2009م، 297129 نازح. وبلغ العدد في 2015م، 916435 نازح بيما يذهب مصدر آخر إلى أنه بلغ 1.257 مليون.
  • النزاعات المسلحة وظهور داعش:أي الولايات التي توجد بها نزاعات مسلحة يكون مستوى النزوح منها مرتفعا. يقول حفيظ الله مياخيل مستشار إعلامي في وزارة اللاجئين الأفغانية أن ولاية هلمند شهد العام الماضي نزوح 20 ألف أسرة، وفي ننكر نزحت 15 ألف أسرة، وفي قندوز نزحت 20 ألف أسرة، وفي تعيش في كابول 8 ألف أسرة من النازحين[3]. وعلى أساس منظمة دولية أخرى حدثت النزوح بالدرجة الأولى في المناطق الجنوبية، ومن الغربية والشرقية[4].
  • البطالة والوظائف الحكومية:إن من أهم عوامل النزوح في أفغانستان وتنقل البعض من الأماكن البعيدة إلى كابول، تفشي البطالة وقلة الوظائف الحكومية التي تجلب أصحابها إلى كابول والمدن الكبرى.
  • الأحداث الطبيعية:ففي العام الماضي وإثر الفيضانات والزلازل نزح عدد من سكان البلد. ولا توجد أرقام دقيقة حول هؤلاء النازحين، كي نعرف إلى أي مدى كانت هذه الأحداث سبب النزوح، لكن تقارير تشير إلى وجود علاقات بين الأحداث الطبيعية وعملية النزوح. ففي 2015م، نزح من ولاية قندوز ما يقارب 1175 أسرة إثر الفيضانات والأحداث الطبيعية –إلى جانب الاضطرابات الأمنية-[5]. كما وسبب انزلاق أرضي في ولاية بدخشان نزوحا عشرات الأسر، وفي نفس الولاية نزح بعد ذلك 350 أسرة إثر فيضانات ضربت المنطقة[6].

النهاية

[1]لمزيد من التفاصيل، راجع موقع إدارة اللاجئين للأمم المتحدة:

UNHCR, Afghanistan, Conflict-induced internal displacement monthly update, May 2015

[2]راجع الإحصائية في في موقع وزارة اللاجئين:
http://morr.gov.af/fa/page/2204

[3]كليد كروب، مقال لأميد زهيرميل بعنوان: “في بيوتهم بلا بيوت”، في الرابط التالي:http://tkg.af/pashto/report/research/17982-%D9%BE%D9%87-%D8%AE%D9%BE%D9%84-%DA%A9%D9%88%D8%B1-%DA%A9%DB%90-%D8%A8%DB%90-%DA%A9%D9%88%D8%B1%D9%8A?utm_source=feedburner&utm_medium=feed&utm_campaign=Feed%3A+tkg_pashto_report+(%D8%B1%D9%BE%D9%88%D9%BC)&TB_iframe=true&width=180&caption=%D9%BE%D9%87+%D8%AE%D9%BE%D9%84+%DA%A9%D9%88%D8%B1+%DA%A9%DB%90+%D8%A8%DB%90+%DA%A9%D9%88%D8%B1%D9%8A&keepThis=true&height

[4]لمزيد من التفاصيل، راجع الرابط التالي:
http://www.internal-displacement.org/assets/library/Asia/Afghanistan/graphics/201507-map-ap-afghanistan-en.pdf

[5]وزارة اللاجئين، الاضطرابات الأمنية وراء نزوح آلاف الأسر في قندوز، في الرابط التالي: http://morr.gov.af/ps/news/49441

[6] راجع مزيدا من المعلومات في الرابط التالي:
http://morr.gov.af/ps/page/1872/north-east/office-of-refugee-badakhshan

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *