مشاريع البنية التحتية: السدود وآخر التطورات

في الأسبوعين الأخيرين لُوحظت تطورات بشكل غير مسبوق في البنية التحتية (السدود المائية) في البلد. فبعد أربعين سنة يخللها صعودٌ وهبوط، تم افتتاح سد سَلْما في الرابع من يونيو، 2016 في مدينة هرات من قِبل الرئيس الأفغاني أشرف غني أحمد زَي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في حفلٍ فريدٍ من نوعه.

عقب افتتاح سد سلما، تم التعاقد مع شركة تركية-أمريكية لتوسعة سد كَجَكي في ولاية هلمند، وَحسبَ العقدِ فإن الشركة ستعد المقترح لتوسعة السد في ثلاثة أشهر وستكمل السد خلال ثلاث سنوات. وفي الأسبوع الماضي وقعت الحكومة مذكرة تفاهم مع شركة إيطالية لإنشاء سد (بخش آباد) في ولاية فراه.

 في هذا المقال سيتم تحليل مدى حاجة بلدنا إلى إنشاء السدود، وتأثيراتها على الاقتصاد الأفغاني.

 

الحاجة إلى بناء السدود

نظراً للأسباب التالية فإن بناء السدود ضرورةٌ في أفغانستان:

أولاً؛ الزراعة: هناك 9610000 هكتار (9.61 هكتار) من الأراضي الصالحة للزراعة في أفغانستان مما يشكل 14.73% من مجموع أراضي البلد. من هذا القدر، 5.324 مليون هكتار فقط يتم زرعها، أما بقية الأراضي الصالحة للزراعة (4.28 مليون هكتار) فلا تُستخدمُ للزراعة نظراً لشُح الماء. وفي حال إنشاء السدود فإن هذه الأراضي أيضاً ستدخل ضمن الأراضي المزروعة.

ثانياً؛ الكهرباء: تُوَلَّد أفغانستان 19% فقط من حاجتها للكهرباء داخل البلد وتستورد النسبة المتبقية (81%) من الدول المجاورة، وبالتالي فإن الدولة تنفق ملايين الدولارات في استيراد الكهرباء.

طبقاً لشركة أفغانستان برشنا، فإن دولة أفغانستان خلال الفترة من 2007 إلى 2015 أنفقت 973 مليون دولار لاستيراد الكهرباء، هذا في حين أن لدى الدولة فرص وقابلية كبيرة لتوليد الكهرباء، من ذلك أن قابلية توليد الكهرباء من المياه في أفغانستان تصل إلى 23 ميجا واط. إضافةً إلى توليد الكهرباء فإن الفائدة الأخرى من إنشاء السدود هي تخزين المياه كما تمت الإشارة إلى ذلك مسبقاً.

 

ثالثاً؛ تفادي الكوارث الطبيعية: سنوياً تودي الفيضانات في أفغانستان بحياة الكثيرين وتُسبب خسائر مالية، وإضافةً إلى ذلك فإن الفيضانات تُتلف مساحاتٍ واسعة من الأراضي الزراعية. بناء السدود سيحولُ إلى حدٍ كبير دون وقوع هذه الكوارث.

 

رابعاً؛ الحالة المستقبلية وأزمة المياه: يُتوقع أن يتضاعف عدد السكان في أفغانستان في الثلاثين عاماً المقبلة مما يعني أن البلد ستحتاج إلى المزيد من الماء، وري الأراضي والكهرباء. إلا أن معظم مياه أفغانستان ومع الأسف تصب في الدول المجاورة ولم تُتخذ خطواتٌ عملية للتحكم في هذه المياه داخل البلد والاستفادة منها. هذه الموارد المائية ستكون موضوع العلاقات السياسية وأيضاً سبباً مهماً للحروب في الفترة القادمة.

 

قابلية بناء السدود في أفغانستان

توجد خمسة مستجمعات مائية في الدولة مؤهلة إلى حدٍ كبير لإنشاء السدود المائية فيها.

بشكلٍ عام فإن هناك عدة سدود مائية ستبنى في المستجمعات المائية الخمس. بدأ العمل في بعضٍ منها مثل: العمل على توسعة سد سلما و كجكي، والدراسات جارية على البعض الآخر مثل: (باغدره، سروبي ب، كُنر أ، كجكي ب، كوكجه، جُلبهار، كامه، كُنر ب، و كيلاجاي) والبعض الآخر مازالت في مراحل الدراسة الأولية مثل: (عالم باغ، لر آمو، دشت جم)

في الجدول التالي تم إدراج 14 سد بقدرة توليد 7397.5 ميجا واط من الكهرباء، وإنشاؤها سيكلف 17720 مليون دولار.

على الرغم من عدم وجود دراسة دقيقة عن قابلية توليد الكهرباء المائية في أفغانستان، إلا أن متخصصي الطاقة متفقون على أن أفغانستان تقدر على توليد 23 ألف ميجا واط من الطاقة. (لمزيد من المعلومات انظر الجدول-1)

الجدول-1: اختيارات بناء سدود الكهرباء المائية

النهر

المصدر: التقرير السنوي الصادر من مركز الدراسات الإستراتيجية لعام 1394 هـ ش.

 

سد سلما، وسد كجكي وسد بخشآباد

على الرغم من أن إنشاء سد سلما بدأ في السبعينات من القرن العشرين (بعد 1970) إلا أن عملية الإنشاء تضررت بسبب الحرب التي استمرت لثلاثة عقود في أفغانستان. وبعد 2001 وبطلبٍ من أفغانستان شرعت الهند في إنشاء السد وأكملته حديثاً. أنفقت الهند نحو 290 مليون دولار لبناء سد سلما بسعة توليد 42 ميجا واط كهرباء في الساعة. سيُنير سد سلما نحو 250000 بيتٍ ويروي 75 ألف هكتار من الأراضي في 640 قرية في كل مديريات: جشت شريف، أوبي، بشتون، زرغون، كروخ، كوزاره، انجيل، زيندجان، كوشان، و غوريان.

من ناحيةٍ أخرى، حسب الاتفاقية الجديدة فإن سد سلما المستوعب حاليا لسعة إنتاج نحو 51 ميجا واط من الكهرباء سيصبح مستوعباً لسعة إنتاج 151 ميجا واط من الكهرباء بعد تنصيب أربعة توربينات أخرى. السد يستوعب كذلك تخزين 1.1 مليار متر مكعب من الماء مما يُمكّن من ريّ مساحات واسعة من الأراضي.

في السياق نفسه تم توقع عقد بين الحكومة الأفغانية وشركة إيطالية بشأن إنشاء سد بخش آباد في فراه. السد سيكون مستوعباً لسعة توليد 27 ميجا واط من الكهرباء وسعة تخزين 1.3 مليار متر مكعب من الماء وسيروي 104000 هكتار من الأراضي في فراه.

عوائق في وجه إنشاء السدود

هناك عوائق عديدة في طريق إنشاء السدود، أهمها المعوقان التاليان:

الموارد المالية وجلب الاستثمارات: أفغانستان تملك سعة عالية لتوليد الكهرباء المائية، إلا أن إنشاء السدود لتوليد الكهرباء يتطلب مبالغ ضخمة خارجة عن استطاعة الحكومة الأفغانية والميزانية الحكومية. طبقا للجدول أعلاه الدولة تحتاج إلى 17.7 مليار دولار لبناء السدود المذكورة (14 سداً). ومن جانبٍ آخر فإن الداعمين الأجانب ليسوا مهتمين بإنشاء السدود الكبيرة، لتطلب ذلك مبالغ ضخمة ومدة طويلة. أضف إلى ذلك أن الدولة لم تقدر أن تُقنع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في إنشاء السدود في البلد. ويرجع السبب في عدم اهتمام المستثمرين الأجانب بإنشاء السدود في أفغانستان إلى اختلال الأمن وعدم وجود التوافق مع الدول المجاورة.

الوضع الأمني: اختلال الأمن سببٌ رئيسي آخر يمنع المستثمرين الأجانب من الاستثمار في قطاع الطاقة في أفغانستان. إن الخمس عشرة سنة الماضية أوضحت كتجربةٍ أن الاستفادة من الماء لا يتطلب فقط جهداً بالغاً، بل دماء العديد من الشعب كذلك، والسدود الحالية قد بُنيت بتكلفة أرواح العديد من الشعب الأفغاني.

انتهى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *