الانتخابات الأفغانية وأثرها على أمن البلد

مقدمة

من المقرر أن تُجرى للمرة الثالثة الانتخابات الرئاسية الأفغانية بعد فترة قصيرة وتحديدا في 5 من ابريل/نيسان2014 م. وفي نفس الوقت هناك تخوف شديد على شفافية عملية الانتخابات والحفاظ على الأمن النسبي أيام إجراءها؛ وذلك بسبب تدهور الحالة الأمنية في كثير من المناطق. من جانبها هددت حركة طالبان في بيان لها ببلبلة الانتخابات وباستهداف العاملين والناخبين في هذه العملية.

وفي ذات السياق تكلم بعض المسؤولين الأمريكيين عن إمكانية تدهور الوضع الأمني أكثر بعد هذه الانتخابات. وبعيد زيارة قام بها الجنرال الأمريكي مارتين ديمبسي إلى كابل قبل عدة أيام، وبعد رجوعه إلى واشنطن قال: بأن أفغانستان ستشهد كثيرا من الاضطرابات والتغييرات السلبية عقب الانتخابات القادمة.

كيف ستتم عملية الانتخابات؟ وإلى أين ستتجه الأمور بعد إجراءها في البلد؟ وهل ستؤثر هذه الانتخابات على إنهاء الأزمة الموجودة في أفغانستان أم أنها ستعمقها أكثر؟

كيفية الانتخابات

يقول الدكتور عبدالباقي أمين، المحلل السياسي الأفغاني، ورئيس مركز الدراسات الإستراتیجیة والإقلیمیة، مجيبا عن أسئلة القسم الإعلامي في المركز حول كيفية الانتخابات ونتائجها: بأن الوضع الأمني السيء هو العرقلة الرئيسة أمام الانتخابات القادمة وبأن إجراءها غير عملي في هذه الظروف الصعبة الراهنة.

يقول السيد أمين مضيفا: “لا تتمتع الحكومة الأفغانية حاليا، على سيطرة في كثير من الولايات وتعهّد وزارة الداخلية بالحفاظ على أمن مراكز التصويت خداعٌ للعامة، بصفة خاصة في ولاية وردك، حيث قررت فتح جميع مراكز التصويت، ولكن في حقيقة الأمر إقبال الناخبين على هذه المراكز في ست مديريات في هذه الولاية أمر مستحيل. والحال كذلك في المناطق الشرقية والجنوبية والجنوبية الغربية، وفي ظل هذه الظروف يصعب التخمين بما سيحل محل أوراق التصويت في الصناديق؟”.

أضاف السيد أمين قائلا: حتى وإن أمنّت الحكومة مراكز التصويت وحافظت على سلامة صناديق الأصوات، فمن سيوفر الأمن للناخبين الذين يأتون إلى هذه المراكز؟ تصريحات المسؤولين الحكوميين في هذا الصدد تطمئن على عدم وجود أي مشاكل أمنية تعرقل عملية الانتخابات، غيرصادقة ويخالفها الموجود على أرض الواقع.

ويرى السيد ذاكر جلالي المحلل السياسي الأفغاني أهمية الانتخابات في البلدان الديمقراطية بأن يكون للبلد نظام مشروع شعبي، وتنتقل السلطة من حزب أو شخص إلى غيرهما بطريقة سلمية، وفي رأيه، تكمن الأهمية الكبرى للانتخابات في أن يشارك فيها أكثرية مؤهلين للتصويت، وأن تكون أصواتهم هي التي تنصب الرئيس للبلد، وهذا يعني أن الشفافية سمة مهمة وبارزة للانتخابات.

يقول السيد جلالي مضيفا: “أولا: لا تتمتع أفغانستان بالأمن حتى تشارك أكثرية ممن يسن لهم التصويت في  الانتخابات، ثانيا: عدم اطمئنان الشعب بأن صوته هو الذي ينتخب الرئيس القادم؛ وذلك بسبب وجود قوات أجنبية في البلد، ثالثا: علاوة على الوضع الأمني والتدخل الأجنبي ليس النظام الحاكم جاهزا لتخيير الشعب لاختيار نظام حسب رغبته، وبناءً على ما سبق يبدو أمل تشكل نظام مشروع من أحلام اليقظة”اهـ.

مشروعية الرئيس القادم

وبالنسبة لمشروعية الرئيس القادم يقول السيد جلالي: “لن تكون مشروعية الرئيس القادم مثل الرئيس الحالي كرزاي. الوضع الأمني في هذه الانتخابات أكثر سوءا من سابقها، تعهد الأمريكان مشكوك فيه، وتهديد طالبان أكثر جدية؛ ولذلك لا أرى أن يكون النظام القادم أحسن مما هو موجود الآن. وهناك أمر آخر وهو: أن الأمريكان يعرفون جيدا بأن الرئيس القادم لن يكون أكثر مشروعية وقوة من كرزاي الرئيس الحالي، ومن أجل ذلك يصرون عليه بأن يوقع الاتفاقية الأمنية الثنائية قبل الانتخابات الرئاسية، ولو كانت الحكومة القادمة أكثر مشروعية من حكومة كرزاي، ما أصر الأمريكان على توقيع الاتفاقية من قبل هذه الحكومة”.

الجولة الثانية للانتخابات وإمكانية التزوير

يقول السيد جلالي: “من الآن يعتبر مما هو مسلم به، انتقال الانتخابات إلى جولة ثانية. كثرة المرشحين ستمد الانتخابات إلى جولة ثانية. ولو تمعنا في قائمة المرشحين يمكن لنا تصنيفهم إلى ثلاث فئات: أولا: مرشح المعارضة، ثانيا: مرشح مدفوع ومدعوم من قبل الحكومة، وثالثا: فئة تبدو أنها تميل إلى مرشح الفريق الحكومي. برأيي ستنتقل الانتخابات إلى جولة ثانية وفيها ستكون الرقابة بين مرشحَي المعارضة والفريق الحكومي. أما مرشح المعارضة فمن الآن يهدد باضطرابات ممكنة، ولكن الأمر يظهر كضغط من جانب المعارضة على الفريق الحكومي كي يتجنب التزوير، وإلا فمثل الانتخابات السابقة احتمال أي اضطراب خاص غير وارد”.

ولكن الأمر واضح بأن إجراء الانتخابات بشفافية تامة في ظروف أفغانستان الراهنة غير ممكن، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى الحضور الأجنبي في البلد والذي يضع مشروعية الانتخابت تحت السؤال. ولو ابتعدنا عن السذاجة وتكلمنا منطقيين ينبغي أن نشير إلى أن كل بلد له مصالحه، والجنود الأجنبية الموجودة هنا أيضا جاءوا من أجل مصالح بلدانهم وتلك المصالح هي الأولوية عند هؤلاء.

تأثير الانتخابات على أمن أفغانستان

وأما عن سؤال مركز الدراسات الإستراتیجیة والإقلیمیة، حول تأثير الانتخابات على أمن البلد، وهل ستمهد الطريق نحو الاستقرار أم أنها ستعمق الأزمة أكثر فيقول السيد جلالي: “هذه الانتخابات لن تمهد الطريق نحو حل الأزمة، المعارضة المسلحة والتي تشكل حركة طالبان الأغلبية فيها، أصدروا بيانا في الآوانة الأخيرة يطلبون فيه من الشعب عدم الاقبال على مراكز التصويت. وبرأيي الرئيس القادم لن يكون أنجح من كرزاي في عملية محادثات السلام أيضا، ذلك لأنه من جانب يكون أقل مشروعية من الرئيس الحالي ومن جانب آخر يوقع الاتفاقية الأمنية مع الأمريكا وهذا من وجهة نظري يعني سد باب السلام والمصالحة.

ومن جانبه يؤكد السيد عبدالباقي أمين بأن الانتخابات ليست حلا لأزمة أفغاستان الأساسية والتي تتمثل في الحرب والقتال.

يقول السيد أمين: “ما تحتاجه أفغانستان الآن هو انهاء القتال فيها والسعي الحثيث من أجل القضاء على أسباب تلك الحرب الدائرة، ولكن الواقع يقول بأن الاقتتال سيزداد بعد الانتخابات وستتدهور الحالة الأمنية اكثر مما هي الآن. انتهی

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *