افغانستان و اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة
يُصادف تاريخ 3/ديسمبر اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة وهو يوم تم تسميته بهذا الاسم من قِبل هيئة الأمم المتحدة عام 1992م ويُحتفل به سنويا لأجل الحفاظ على القوانين المعنية بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة. كما أن منظمة الأمم المتحدة تهدف باحتفالها بهذا اليوم إلى عرض انجازات وإشراك ذوي الاحتياجات الخاصة في الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. كل عامٍ تُحدد منظمة الأمم المتحدة شعارا لليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة وتقوم كافة الدول بعد عام بعرض أنشطتها حيال دعم ذوي الإعاقة في إطار الشعار المُعلن. وكان الشعار المُعلن عنه للسنة الجارية هو “والمساواة و تعزيز مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة” وقد استُلهم الشعار من لوائح برنامج اهداف التمنية المستدامة (SDGs) 2015-2030م المنضوي تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة.[1]
وضعيت ذوي الاحتياجات الخاصة في أفغانستان
يُعرّف الشخص بأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة إذا وُجدت به علة بدنية أو عقلية – سواء وُجدت قبل ولادته أو بعدها – وتسببت في الإضرار الدائم والملحوظ بسلامته وإنتاجه بشكل عام مما يجعله عاجزاً بشكل كلي أو جزئي عن تأمين ضرورياته المعيشية الفردية والاجتماعية، ووفق هذا التعريف يوجد حاليا نحو 500 مليون شخص يُعانون من الإعاقة.[2]
في تاريخ 2/فبراير/2019م أعلنت هيئة الصليب الأحمر الدولية في أفغانستان أن هناك أكثر من مليون مواطن يُعانون من الإعاقة في البلد كما يتم تسجيل عشرة آلاف مُعاق جديد في سجلات هذه الهيئة. وقد ورد في بيان هيئة الأمم المتحدة أن نسبة 10% من هؤلاء المُعاقين يُعانون من إصابات ناجمة عن الحرب كما أن نسبة 90% لديهم إعاقات منذ الولادة أو أنهم أُصيبوا بالإعاقة بسبب الأمراض أو الحوادث. وفي السنوات الأخيرة ازدادت نسبة ذوي الإعاقة الذين تسببت الحرب في إعاقتهم. حيث إن وزير الصحة العامة بأفغانستان د. فيروز الدين فيروز قد أعلن عام 2019م أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة قد ارتفع خلال العام الماضي وأن نسبة 3 إلى 5 في المئة من سكان أفغانستان يُعانون من الإعاقة، كما ذكر أسباب الإعاقة مُعددا: الحرب والمرض والحوادث والآفات والتشوهات الجنينية والنشاط الزائد لدى الأمهات خلال فترة الحمل[3].
إن الإعاقة لها تأثيرات اجتماعية واقتصادية ونفسية على الأشخاص المُعاقين وأسرهم. ولأجل تقليل هذه الآثار تنشط في البلد مؤسسات مختلفة بجانب الحكومة ومن أبرز هذه المؤسسات مؤسسة الصليب الأحمر الدولية وهي أكبر جهة دولية تقوم بتنفيذ برامج ومشاريع لرفع كفاءة ذوي الاحتياجات الخاصة ومستواهم المعيشي، بالإضافة إلى دولٍ أخرى تنشط في هذا المجال. تقدم هذه المؤسسة سنويا خدمات لأكثر من مئة ألف شخص في مختلف المحافظات ممن هم بحاجة إلى أعضاء صناعية. وقد وضعت المفوضية المستقلة لحقوق الإنسان في أفغانستان ومفوضية الإصلاحات الإدارية آلية لتسهيل توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، ووفق قانون حقوق وامتيازات المُعاقين في أفغانستان فإن نسبة 3% على الأقل من الموظفين في الإدارات الحكومية ينبغي توظيفهم من ذوي الاحتياجات الخاصة[4]. إلا أن ذلك لم يُنفذ مع الأسف كما أن معظم الإدارات لا ترحب بتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة. وفق قوانين أفغانستان يُمنع إظهار أي نوع من العنصرية بين المواطنين، إلا أن العنصرية تُمارس مع الأسف في معظم المؤسسات الحكومية والخاصة تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة في أفغانستان بصور مُتعمدة وغير متعمد. من جملة مشاكل المُعاقين الكبرى فقدانهم لفرص التعليم، وللأسف يوجد تقصير كبير في هذا الجانب مما أدى إلى حرمان ذوي الاحتياجات الخاصة من الحصول على فرص عمل مناسبة ومنافسة الآخرين في هذا المجال.
التحديات التي يواجهها ذوو الاحتياجات الخاصة في أفغانستان
يواجه ذوو الاحتياجات الخاصة في أفغانستان صعوبات عديدة منها:
- صعوبات التنقل والحركة: من الصعوبات الكبرى التي يواجهها المعاقون مشكلة التنقل والتردد داخل وخارج المدن، حيث إن قطاع المواصلات العامة لا يُقدم المعونة اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة كما أن استخدام سيارة الأجرة الخاصة ليس في مقدروهم نظرا لارتفاع تكلفتها.
- صعوبات الحصول على العمل: وفق قانون حقوق وامتيازات المُعاقين في أفغانستان، ينبغي أن تُوظف نسبة 3 في المئة من العاملين في الإدارات من فئة المعاقين، إلا أن ذلك لم يُنفذ لعدة أسباب منها التعصب والفساد وتدني مستوى الوعي لدى العامة.
- تعامل المجتمع مع المعاقين: يسعى بعض ذوي الاحتياجات الخاصة إلى تقليل الاحتكاك بالمجتمع بسبب تدني الوعي المجتمعي في شأن التعامل مع المُعاقين. إن عدم اهتمام الحكومة والشعب بذوي الاحتياجات الخاصة يتسبب في إضعاف ثقة المُعاقين في أنفسهم كما أنه يحول دون تطوير مهاراتهم.
- المشكلة الأخرى المتعلقة بفئة المعاقين هي التسول. هناك عدد من المُعاقين يلجؤون إما بسبب الاضطرار أو دونه ألى التسول كما أن هناك فئة يلجؤون إلى التسول بترغيب من عصابات المافيا. وبشكل عام تسببت هذه الظاهرة في تدني مكانة ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع ووسمها بأنها عالةٌ على بقية فئات المجتمع.
- بالإضافة إلى جميع ما ذُكر فإن ذوي الاحتياجات الخاصة يواجهون صعوبات اقتصادية وذلك لفقدانهم لمصادر دخل مناسبة، ونظرا لذلك فإنهم يُحرمون من الفرص التعليمية الجيدة وفرص المشاركة في برامج رفع الكفاءة والتنمية الشخصية. تقوم وزارة الشهداء والمُعاقين بدعم ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال تقديم مطافئة شهرية لهم، إلا أن هذه المطافئة تُقدم فقط للمعاقين بسبب الحروب أما من وُلدوا مُعاقين أو أُعيقوا بسبب حوادث أخرى غير الحرب فإنهم محرومون من امدادات الوزارة الوزارة.
- المشكلة الأخرى التي تواجهها هذه الفئة هي حرمانهم من الدراسة في الجامعات وحرمانهم من منح الدراسة في الخارج. تُفيد المادة رقم 43 من الدستور أن الدراسة حتى إكمال مستوى البكالوريوس حق لكل مواطن أفغاني، كما أن المادة رقم 19 من قانون حقوق وامتيازات المُعاقين تُفيد تخصيص نسبة 7% من المنح الحكومية للمعاقين كما تُخصص نسبة 7% من منح الجامعات الأهلية للمعاقين، إلا أن النسبة الحالية لمشاركة المُعاقين في هذه المنح أقل من ذلك بكثير، بسب دوافع عديدة.[5]
- وأخيرا فإن النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة لديهن مشاكل مُضاعفة بنسية للرجل وذلك لكونهن معاقات بالإضافة إلى كونهن من فئة النساء التي تُهضم كثير من حقوقها، ولذا فإن النساء المُعاقات يواجهن صعوبات كبيرة في هذا الصدد.
حلول مقترحة:
لأجل أن تتحسن أوضاع المعاقين في البلد هناك ضرورة لبرامج و تعاون طويلة المدی حكومية وشعبية مستمرة وطويلة المدى. إلا أن نجاح هذه البرامج يتوقف على النقاط التالية:
- تعزيز الوعی
كلما ارتفع مستوى الوعي الشعبي ومستوى الثقافة في البلد فإن مشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة ستقل وتتضاءل. على وسائل الإعلام في البلد أن تلعب دورا بارزا في رفع مستوى وعي الشعب حول صيغة التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة. كما أن المدارس ومنابر الخطباء والأئمة أيضا تستطيع أن تلعب دورا محوريا في هذا الصدد.
- الدعم الحكومي:
على الحكومة الأفغانية أن تزيد في ميزانية مکافئات ذوي الاحتياجات الخاصة وفق خطة طويلة المدى، بحيث تُغطي تلك الرواتب احتياجات کل المُعاقين سواءً بسبب الحروب روالمُعاقين منذُ الولادة. كما على الحكومة أن توزع بطاقات تحفيض بشكل عادل وتهيئ لهم السبل للتنقل والحركة والتعلم وشراء الضروريات. بالإضافة إلى ذلك ينبغي تثبيت سهم المُعاقين في الحصول على الوظائف الحكومية والمنح الدراسية الجامعية.
- تطوير المهارات:
هناك ضرورة لتقديم مزيد من الاهتمام بالأنشطة التي يقوم بها المعاقون وينبغي أن تُمنح فرص لهم ليطوروا مهاراتهم، وذلك بتقديم دورات تعينهم على تطويرهم في مختلف المجالات العلمية والمهارية. كما ينبغي أن تتضمن تلك البرامج عروضا مصورة واستخدام لغة الإشارة والترجمة اللازمة لمن يُعانون من الصمم. ينبغي كذلك إنشاء أندية رياضية مجانية لتدريب المعاقين بدنيا.
- إيجاد جو سلمي
لقد أضرت الحرب بجميع فئات مجتمعنا؛ إلا أن ذوي الاحتياجات الخاصة يُعانون أكبر المعاناة بسبب الحرب. إن استمرار الحرب لا يؤدي فقط إلى زيادة أعداد المُعاقين وإنما يؤدي كذلك إلى عدم القيام بالأعمال التي تضمن رعاية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. وما دامت الحرب تضحي بمُعظم ثرواتنا فلا يمكن أن نترقب تحسنا في حياة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. لذا؛ يُعد إرساء السلام وإيقاف الحرب ضرورة لكافة أنواع التنمية وممهدا لحصول ذوي الاحتياجات الخاصة على حياة كريمة ومستقرة.
[1] https://www.imna.ir/news/399266
[2] https://www.imna.ir/news/399266/%DB%B1%B2-%D8%A2%B0%D8%B1-%D8%B1
[3] https://www.google.com/amp/s/www.bbc.com/Persian/Afghanistan-46973600/amp
[4] https://www.google.com/amp/s/www.bbc.com/Persian/Afghanistan-50622937/amp
[5] http://www.dailyafghanistan.com/national-detail.php?post-id=141544